Skip to main content

الكاظمي والقيادات الشيعية

مقالات الأحد 14 شباط 2021 الساعة 20:57 مساءً (عدد المشاهدات 1235)

سكاي برس /

سليم الحسني

قبل دقائق من إجتياحها شوارع المدن الشيعية، أبلغتْ قيادة سرايا السلام الأجهزة الأمنية بأنها ستنفذ أوامر زعيمها ولن تتراجع عن ذلك.

بهذه الرسالة وضع مقتدى الصدر، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمام أخطر قرار سيادي وأمني. فصار الكاظمي أمام خيارين: تطبيق القانون، وهذا يعني حرب أهلية ملتهبة تحرق مدن الشيعة. أو أن يتحمّل مجازفات أقرب حلفائه ويمررها له، فتسقط هيبة الدولة وكرامتها ويدفع هو شخصياً ثمناً باهضاً من مصداقيته أمام الشعب.

دقائق سريعة خاطفة كانت أمام الكاظمي ليتخذ أكثر القرارات دقة يمكن أن يواجهها رئيس وزراء. فقرر تعطيل الإجراءات القانونية والأمنية ليمنع التصادم الدموي في الشوارع.

بحسابات واقعية فان الكاظمي أحسن التصرف في هذه النقطة، وأطفأ فتيلاً مشتعلاً للحرب الأهلية في المدن الشيعية في لحظة حرجة.

كان رئيس الوزراء منذ بداية توليه تشكيل الحكومة يسعى الى استيعاب زعيم التيار الصدري أو بعبارة صارت شائعة (حكومة البطة)، لكن الكاظمي أسرف في محاولته هذه عندما استجاب لطلبات مقتدى الصدر، وفتح له مناصب الدولة التي أرادها في الملف الأمني. وتلك هفوة كبيرة يؤاخذ عليها الكاظمي، ولا يمكن الدفاع عنه وقبول تبريراته، فقد كان عليه أن يعرف بأن مقتدى الصدر لن يقنع إلا بالعراق كاملاً تحت سيطرته المطلقة، وأن أي اتفاق معه لن يكون مُلزماً له، فمقتدى الصدر حبره ماء.

في واقعة ٨ شباط ٢٠٢١، اضطر الكاظمي للتنازل عن جزء كبير من مستقبله السياسي، واضطر أن يدفع ضريبة موجعة من تحالفه مع مقتدى الصدر، بمعنى أنه تلقى الطعنة من الجهة التي كان يعتمد عليها في تثبيت مواقعه في السلطة وتسهّل له مهمته في الإدارة.

لقد استهدف مقتدى الصدر منطقة القلب عند الكاظمي، فقد كان رئيس الوزراء يريد أن يبرّهن عملياً على قدرته في إعادة هيبة الدولة، مستنداً الى ليبراليته الإدارية والسياسية، ومعتمداً على الدعم الإقليمي والدولي الذي حظي به. فجاءت طعنة الرمح من حليفه الأول، وكانت الطعنة مؤلمة جداً لأنها جاءت في وقت حققت فيه الحكومة تحسناً أمنياً في كشف خلايا إرهابية خطيرة.

في هذا الحدث الصاعق ٨ شباط ٢٠٢١ تعاملت قيادة الحشد الشعبي بحكمة عالية، فقد كان الاجتياح الصدري للشوارع، يحاول استفزازها وربما لإرعابها الى جانب إرعاب الناس، لكن قيادة الحشد لم تنجر للاستفزاز، مع انها صاحبة القوة الضاربة والتفوق الميداني والعسكري في موازين القوى. ويسجّل هذا الموقف للحشد الشعبي بتثمين كبير، وهو وثيقة زمنية في غاية الوضوح على انضباط قوات الحشد وقيادته واحترامه لهيبة الدولة وموقع القائد العام للقوات المسلحة.

نقطة مهمة تعطيها هذه التجربة التي وقى الله العراق شرّها، فالكتل الشيعية وقياداتها السياسية والدينية بحاجة الى مراجعة سريعة ووقفة عاجلة تحفظ فيها الأغلبية السكانية من المخططات المضادة. لقد خذلت هذه الكتل رئيس الوزراء في ساعة صعبة، وبصرف النظر عن المواقف والقرارات والتوجهات بينها وبينه، فان الظرف الحرج كان يستدعي التآزر معه ليشعر بأنه يتحرك مع كيانات وقيادات تريد تجاوز الفتنة، وتريد إبعاد الحرب الأهلية عن العراق.

يحتاج الكاظمي الى فرصة تضامن، فرصة تمنحها له الكتل الشيعية في مواجهة التحديات والضغوط المتزايدة عليه.
يحتاج الكاظمي الى مساندة من القيادات الدينية، بأن تعلن بصريح العبارة عن رفضها للتصرفات المنفعلة التي تريد الحرب الأهلية، وتريد القضاء على الانتخابات ومنع إجرائها.

إن تصريحات التزوير واستعراضات القوة المبكرة، تطرح على الواجهة احتمالاً كبيراً: الانقلاب بسلاح المليشيات أو الانتخابات بنتائج محددة من الآن.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة