بقلم / ضابط متقاعد....
بدايتا اردت في كتابتي هذه ان الفت نظر المسؤولين في الحكومة للاهتمام بجهاز المخابرات كونه يعتبر من مقومات الدولة
وبما ان دور جهاز المخابرات في الدولة الحالية اصبح معدوما لعدم كفائته وتدني عمله عكس ماكان يحدث في السابق في عهد النظام البائد وبما اني احد رجال جهاز المخابرات السابق اردت تبيين بعض المفارقات بين جهاز مخابرات صدام والذي كان يعتبر من الاجهزة الكفوءة في المنطقة ومخابرات الحكومة الحالية
حيث كان جهاز مخابرات صدام يعتمد على السرية التامة وان اكثر من 90% منه كانو متخفين يتظاهرو بمزاولة مهن ووظائف اخرى.اما الان فمعظمهم مكشوفين والبعض يعلن عن ذلك بلسانه وهذا مالايجوز ابدا
كنا سابقا نتلقى التدريبات لدى اقوى دولتي في النظام الاستخباراتي امريكا وبريطانيا .اما اليوم وبحسب المعلومات التي حصلت عليها فان الجهاز يتلقى تدريباته في دول غير كفوءة مثل الاردن وباكستان وحتى السودان الذي يفتقر هو الى المعلومة الاستخباراتية
اما من جهة التخصيص والدعم المادي كان نظام صدام يخصص لنا ميزانية عالية وكان يعطي راتب يصل الى 3000 دولار في وقت كان العراق يشهد حصارا اقتصاديا . ويعتبر هذا المبلغ انذاك مبلغ ضخم جدا حيث استطعت على اثره من شراء 12 قطعة ارض واربع منازل خلال سنتين فقط . اما اليوم فلا ياخذ رجل المخابرات 20% من ماكنا نحصل عليه في الشهر الواحد . ويتراوح الراتب الشهري حاليا بين مليون الى 2 مليون دينار. ناهيك عن انهم جاءوا من خلال توزيع حزبي بعيدا عن الخبرة والكفاءة ماجعله كباقي اجهزة الدولة اليوم خاضعا للمحاصصة.
وكان جهازنا في السابق يرتبط ارتباطا مباشرا مع الرئيس وكان صدام يتابع عن كثب جميع انشطتنا , حاليا يوجد هذا الارتباط برئيس الوزراء لكن لايوجد متابعة جدية بالتعامل مع المعلومات التي يقدمها . وبالرغم من ان الجهاز يحق له التصرف لكن تبقى الصلاحيات محدودة وبحاجة الى الامر الرئاسي.
ولن نرى يوما ان الجهاز الحالي قام بتقديم معلومة خارجية اوكشف مخطط يستهدف امن للبلد عكس ما كنا عليه سابقا حيث كان لجهاز المخابرات اليد بادارة ورسم مخططات بعض الدول وتنفيذ مهام عديدة خارج القطر. اذكر منها المليات التي نفذت في بيروت . حتى ان البعض منها كشف بمساعدة دول اخرى الا ان حكومة بيروت تسترت على الامر خوفا على العلاقات العراقية اللبنانية .
وكان الخطا غير مسموح به لدى صدام حسين حيث كان تعامله بقسوة وشدة مبالغا بها بعض الاحيان .
مثال على ذلك حادثة زميلي في التسعينات عندما عين مرافقا للشركات المشرفة على برنامج النفط مقابل الغذاء . وكان زميلي المنحدر من عائلة مرموقة ذات السمعة الحسنة والمعروفة في المجتمع مجتهدا في عمله لطيفا في تعامله مما كون علاقة بين افراد الوفد الذي كان يرافقهم بصفة مترجم . واصبحت علاقته حميمه بهم . وعند رحيلهم رافقهم الى المطار فقام احد اعضاء الوفد باهداءه زجاجة ويسكي كهدية وداع رفض زميلي اخذها لكن عضو الوفد اصر ان ياخذها مما جعله محرجا امامه فتقبلها . وما هي الا لحظات من رجوعه الى المنزل حتى تم القاء القبض عليه وبعد فترة قليلة استلمنا جثته حيث اعدم عقوبتا على ذلك. فهكذا كان على عنصر المخابرات ان يكون حذرا ولا يقع باي غلطة.
اما اليوم فنجد هناك اهمال وعدم متابعة لجهاز المخابرات ولا اي دعم سياسي كما ان تنسيقاته فقط داخلية ويفتقر الى نظام التوسع الشبكي .
فعلى الحكومة ان تلتفت بعناية لجهاز المخابرات لما له من دور مهم في استتباب الامن كما وبامكانها الاعتماد عليه في محاربة الاشاعة وتفكيك الخلايا الارهابية.