Skip to main content

كيف تؤثر قضية خاشقجي على مسار المواجهة الأمريكية الإيرانية؟

تقاريـر السبت 22 حزيران 2019 الساعة 16:40 مساءً (عدد المشاهدات 1788)

بغداد  /  متابعة سكاي برس

ويتصرف القادة من كلا الجانبين بدافع الفخر والغطرسة والعناد والغباء. وقد كثفوا من خطر الحوادث أو سوء التقدير أو حتى القرارات التي يتخذها القادة العسكريون من ذوي الرتب المنخفضة (في الحالة الإيرانية)، والتي يمكن أن تغرق الجميع في الهاوية. ويقود إيران متعصب ديني صلب في حين أن الرئيس "ترامب" قد أحاط نفسه بمستشارين من الصقور المحاربين، لذا لا يمكن لأحد أن يثق في أنه سيفعل ما هو مطلوب منه للحفاظ على الولايات المتحدة الدول آمنة. ويشمل ذلك إبقاء الأمة خارج الحروب التي لا داعي لها والتي تعرض حياة الأمريكيين، داخل وخارج الجيش، لخطر شديد.

ويعد التحرك الأمريكي الإيراني نحو مواجهة مجنونة هو واحد من حدثين هذا الأسبوع يكشفان عن الحالة غير المتماسكة للسياسات الأمريكية تجاه منطقة الخليج .

المواجهة مع إيران

في قضية إيران، فإن السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو لماذا تطير الولايات المتحدة طائرة استطلاع بدون طيار في منطقة يحتمل أن تكون موضع نزاع. ولا يبدو أن هناك طرقًا للحصول على معلومات دقيقة بشأن هذا الأمر، وعلى الأرجح لم يتخذ قرار تحليق الطائرة بدون طيار في واشنطن بل من قبل أحد القادة الميدانيين.

يقترن هذا بقرار الولايات المتحدة بنقل 1000 جندي إضافي إلى المنطقة، لزيادة الضغط على إيران. وفي حين أن أي عملية ضد إيران من المرجح أن تقتصر على الغارات الجوية فقط، فإن عمليات الانتشار هذه لا تعد أكثر من ضوضاء.

من جانبهم يخاطر الإيرانيون أيضًا بإسقاط طائرة بدون طيار للولايات المتحدة بغض النظر عن مكان تحليقها. وكتب السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة قائلاً: "في حين أن جمهورية إيران الإسلامية لا تسعى إلى الحرب، فهي مصممة على الدفاع بقوة عن أرضها وبحرا وجوا". ويذكر الجميع عام 1988 حين أسقطت بطريق الخطأ طائرة ركاب مدنية إيرانية على متنها 274 شخصًا، مما أدى إلى زيادة التوترات.

ويعد سوء التقدير جزءا من الحرب. وقد مرت التوترات الحالية بالفعل بهذه المرحلة الأولى من الصراع. وفي الأسبوع الماضي، تعرضت ناقلتان للنفط الخام للهجوم، ليس في مضيق هرمز (نقطة الاختناق) ولكن في خليج عمان. ومن المحتمل جدًا أن يكون الحرس الثوري الإيراني هو من قام بالهجوم، ولكن من الممكن أيضا أن تكون جهات فاعلة أخرى قد تورطت فيه لتحميل إيران المسؤولية والاستفادة من عواقب سوء التقدير.

ربما لا تريد إيران ولا الولايات المتحدة حربًا مفتوحة. وربما كان الهدف من الهجمات على ناقلات النفط، التي تعود واحدة منها لشركة يابانية، أن تكون إشارة أثناء زيارة رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي" إلى إيران. وبعد فترة وجيزة من اجتماع "آبي" مع الرئيس "ترامب" في واشنطن بدا أن هناك شكلاً من أشكال المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران. ولا شك أن هناك بعض الجها المهتمة بإحباط أي نوع من التقارب الأمريكي الإيراني وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و(إسرائيل).

على الجانب الأمريكي، يبدو أن الرئيس "ترامب" يمهد الأجواء للتهدئة، رغم أن ذلك لا يتوافق مع إعلانه أن الحرب كانت على بعد 10 دقائق فقط. وعلى الرغم من القرارات الأخيرة التي اتخذها "ترامب"، لا يزال هناك أمل واسع النطاق في أنه على الرغم من رغبة الرئيس في ممارسة "أقصى قدر من الضغط" على إيران، فإنه لا يريد أن يرى حربًا أخرى في الشرق الأوسط، بكل ما لها من تداعيات على الأقل في السياسة الداخلية.

تأمين البحر

ربما تكون هناك بعض الخطوات للمساعدة في منع لعبة "الدجاج" تلك من الخروج عن السيطرة. وتميل الجيوش إلى أن تكون الأفضل في هذه المهمة، كما أثبتت الجيوش الأمريكية والروسية من خلال التواصل المباشر مع بعضها البعض في سوريا من أجل "حل" النزاعات حول العمليات الجوية لكل منهما. على مستوى أعمق، في مايو/ أيار عام 1972، في خضم الحرب الباردة، أبرمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي اتفاقًا لمنع الحوادث في البحر. وقد حدث هذا لأن الجانبين أدركا أن السفن يمكن أن تصطدم ببعضها البعض، وهذا يشمل السفن العسكرية. 

ومن الواضح أن من مصلحة الولايات المتحدة منع وقوع حادث في مضيق هرمز أو الخليج أو بحر عمان قد يدفع الولايات المتحدة إلى التصعيد مع إيران. وربما لا يرى الحرس الثوري الإيراني، الذي يبدو أنه يسيطر بشكل عملي على الأنشطة العسكرية الإيرانية، الأمر بهذه الطريقة، وربما يكون قادة طهران مقتنوعون أن الولايات المتحدة ستتراجع أولا. ورغم ذلك، فإن هناك طرقًا لمعرفة ما إذا كانت إيران ستنفتح على الأقل لاتفاقية لمنع الحوادث البحرية، إذا كان واشنطن منفتحة على الوصول لمثل هذا الاتفاق.

وهناك حاجة إلى العديد من الخطوات الأخرى لمنع المواجهة الأمريكية الإيرانية من الخروج عن السيطرة وتشجيع التوصل إلى نتيجة منطقية لكلا جانبي الأزمة المستمرة. ستكون عملية التفاوض هذه معقدة للغاية وقد لا تكون ممكنة حتى في ظل القيادات الحالية في الولايات المتحدة وإيران. لكن في الوقت الحالي، تكمن المشكلة في منع الأمور من الخروج عن السيطرة.

عامل خاشقجي

وقد ازدادت الفوضى في المنطقة تعقيدًا هذا الأسبوع بسبب تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة "أغنيس كالامارد" بشأن قتل الصحفي في واشنطن بوست "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويزيل التقرير الأممي أي شك في أن موت "خاشقجي" وتقطيعه كان متعمدا، كما يجزم بأن المسؤولية النهائية في الحادث تقع على عاتق القائد الفعلي للمملكة العربية السعودية، ولي العهد "محمد بن سلمان".

ويجب على السعوديين الآن أن يدركوا أن "بن سلمان" لم يعد موضع ترحيب في الولايات المتحدة، وبالتأكيد لن يكون كذلك مرة أخرى على الإطلاق. إذا وطأت قدمه واشنطن، فإن قضية "خاشقجي" ستهيمن على وسائل الإعلام والكونغرس. وبالتالي، فهو محاور عديم الفائدة فيما يتعلق بالعلاقة الخارجية الأكثر أهمية للمملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة.

في المقابل، يجب أن تدرك إدارة "ترامب" أن "بن سلمان" أصبحعبئا وأن الاضطراب في العلاقات الأمريكية السعودية يعقد الحسابية الإستراتيجية المتعلقة بإيران. ببساطة، لم يكن "ترامب" بحاجة إلى هذه أزمة مع السعودية في الوقت الذي يخوض فيه مواجهة مع إيران. وتزيد كلا الأزمتين من مشاكل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ولا تعد قضية "خاشقجي" مجرد قضية مقتل صحفي واحد من قبل وزعيم سعودي يعتقد أنه قادر على قتل خصمومه والإفلات من العقاب. وهي تلقي الضوء أيضا على الحرب في اليمن التي تحولت إلى كارثة. وتواصل الولايات المتحدة تقديم معظم الموارد العسكرية التي تمكن السعوديين من مواصلة حملتهم الوحشية، والتي تشمل الهجمات المتعمدة على المدنيين.

بعد اغتيال "خاشقجي"، صوت مجلسا الكونغرس لصالح قطع الإمدادات العسكرية عن المملكة العربية السعودية. واستخدم "ترامب" حق النقض ضد التشريع، لكن الأمر لم ينته بعد. ولفت تقرير الأمم المتحدة الانتباه مرة أخرى الانتباه إلى دور الولايات المتحدة في اليمن، مما دفع "ليندسي غراهام"، أحد صقور مجلس الشيوخ الجمهوريين، إلى القول: "بينما أفهم أن السعودية حليف إستراتيجي، فإن سلوك محمد بن سلمان يجعل من غير الممكن تجاهل قرار مجلس الشيوخ بعد ذلك بقطع مبيعات الأسلحة عن المملكة العربية السعودية"، ومن المحتمل أن يحذو مجلس النواب حذوه، لكن ربما لا يكون ذلك بالأغلبية اللازمة لتجاوز الفيتو.

وليس من الصعب معرفة سبب استمرار إدارة "ترامب" في المشاركة في الحملة العسكرية السعودية في اليمن. وينبع ذلك مباشرة من هوس الإدارة بإيران، الذي تشترك في من حلفائها في المنطقة مثل السعودية والإمارات و(إسرائيل). لكن الآن، مع وجود "بن سلمان" في قائمة سوداء دائمة للولايات المتحدة، يواجه والده الملك "سلمان بن عبد العزيز آل سعود" معضلة وجودية: إما إزالة "بن سلمان" من السلطة وتقويض خططه الداخلية لتوريث العرش، أو إبقائه قيد المسؤولية والقبول بحدوث أضرار دائما لعلاقات السعودية الخارجية.

إعادة التفكير في البديهيات

تحتاج إدارة "ترامب" إلى إعادة التفكير في المصالح الأمريكية في المنطقة وتجاهل مصالح وتوجهات شركائها في المنطقة التي لا تتشابك مع المصالح الأمريكية والبدء في اسكتشاف طرق جديدة للمضي قدمًا. وبالتأكيد فإن المسار التصعيدي الحالي لا يحقق أي فوائد للولايات المتحدة، ويحتمل أن يعرض حياة الأميركيين للخطر بخلاف أنه يشتت الانتباه عن المشكلات الأخرى، وخاصة روسيا والصين.

لكن ليس من الواضح ما إذا كان "ترامب" سيرى ضرورة تصحيح المسار الرئيسي أم أنه سيواصل السماح لمستشاريه الرئيسيين، وخاصة "بولتون" و"بومبيو"، بقيادة دورة التصعيد، التي تعد وصفة كارثية للجميع.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك