وفيق السامرائي
بتحرير القائم العراقية والبوكمال السورية طويت صفحة داعش عسكريا تماما، وما تبقى من تهديدها لا يتعدى العمليات الإرهابية المنفردة، وهو تهديد يتطلب وجود فلسفة أمن واستخبارات قوية، (وكل) ما حدث كان حربا إقليمية خططت لها وأدارتها أجهزة استخبارات إقليمية بتلاقي وتضارب مصالح.
الصراع السعودي الإيراني وجودي دون أدنى شك، لذلك أصبح الحديث عن تحالف سعودي إسرائيلي واضحا وعلى المكشوف ويدل على وجود تنسيق وتعاون استخبارات وثيق، ومثل هذا النشاط لا يمكن أن يحدث من دون فلسفة علاقات متينة، وعام 2018 كفيل بكشف المستور.
أن نتوقع انكماشا لفلسفة الحكم السوري نقع في تقديرات خاطئة، لأن من ثبت في حرب سبع سنوات مدمرة يصعب تصور تواريه عن الساحة ومع وجود دعم ومصالح روسية، ومن يظن أن الوجود العسكري والأمني الإيراني في سوريا سيتلاشى قريبا يخطىء الحساب، خصوصا بعد أن أصبح طريق طهران بغداد دمشق بيروت البري سالكا.
انسحاب إيراني من سوريا يعني حربا تفكيكية لحزب الله في لبنان، وتفكيكا سياسيا للوضع العراقي، وفرضا لسيطرة السعودية خليجيا، وفي النتيجة نقل الصراع إلى داخل إيران، (وتنتعش جذور استفتاء مسعود من جديد)، فيهتز الأمن التركي أيضا.
لولا إمدادات النفط الخليجية التي يكافح العِلم الإنساني في مجال تكنولوجيا الطاقة لتقليل الاعتماد عليها لحصلت حرب الخليج الثالثة المباشرة وشيكا وخلال أشهر قليلة، وهذا لا يمنع أن تكون حرب استخبارات تتطور وتتعاظم تدريجيا فتتحول إلى حروب أكثر خرابا.
العراق في قلب العاصفة، لذلك، ليس بيده أن يطبق المقولة اللبنانية (غير المطبقة) ( النأي بالنفس) عن الصراعات، فمن دون العراق لن يحسم شيء على الإطلاق.
عدا داعش، والحروب العربية الإسرائيلية المنتهية، لن تسقط ورقة واحدة من أوراق صراع الشرق الأوسط، بل على العكس ستزداد وتتعمق، وكل كلام عن مؤتمرات إقليمية ودولية لحل الصراع يبقى كلاما ووهما، وانتقال فلسفة القيادة السعودية وتجديد القوة الإيرانية يعطيان إجابة وافية.
الاستهداف السعودي الناعم للعراق يجعل خلايا الاستخبارات السرية تعمل بشكل فظيع.
إنها قصة طائفية ولدت من رحمها مراكز التكفير، والتجديد السعودي قد يزيدها تعميقا بلباس القوة المسلحة والمال.