سكاي برس/ بغداد
في إحدى صور الصراع السياسي الذي يشهده العراق والذي يتصاعد قبيل كل انتخابات برلمانية أو محلية، شن الأمين العام لـ"كتائب الإمام علي"، شبل الزيدي هجوما على ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، على خلفية حريق الكوت الذي ذهب ضحيته العشرات.
وبات معروفا في العراق استغلال الكوارث والملفات الإنسانية لأغراض الدعاية الانتخابية والتسقيط السياسي والإطاحة بالخصوم، فضلا عن استحضار حرب الوثائق بين المسؤولين والسياسيين في محاولة لاستهدافهم سياسيا.
وشن الأمين العام لكتائب الإمام علي، شبل الزيدي، هجوماً لاذعاً على أعضاء في ائتلاف دولة القانون، طالبوا بمحاسبة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، متهماً إياهم بازدواجية المعايير وتناسي الأخطاء الكارثية التي وقعت في عهد حكومة المالكي.
وذكر الزيدي ائتلاف دولة القانون بجريمة سبايكر وسقوط الموصل، وعشرات الحرائق والتفجيرات التي حدثت خلال ولاية زعيم الائتلاف نوري المالكي، ومؤكداً أن العدالة يجب أن تكون موحدة المعايير، وليست خاضعة للأهواء السياسية قائلا: إن "العدالة ليس لها وجهان ولكن المنافق هو الذي له وجهان"، حسب تعبيره.
وردا على ذلك، أكد عضو مجلس النواب والمتحدث باسم دولة القانون عقيل الفتلاوي أن موقف الزيدي المتباكي على ضحايا سبايكر جاء نتيجة تعرض مصالحه السياسية إلى الخطر بعد الدعوات لإقالة محافظ واسط محمد جميل المياحي على خلفية فاجعة الكوت.
وقال الفتلاوي في تصريح صحفي: إن "ما ورد في كلام الزيدي يأتي اليوم للتباكي على ضحايا سبايكر وغيرها من الملفات، بينما ظل صامتا طيلة السنوات السابقة".
وأضاف أن "هذا الموقف جاء بسبب تعرض مصالح الزيدي المتحالف مؤخرا مع محافظ واسط إلى الخطر بعد دعوات برلمانية لإقالة المياحي"، مبينا أن "ما ذكره الزيدي من مقارنة بين حادثة الكوت وحادثة سبايكر وسقوط الموصل غير مقبول فالأول جاء نتيجة الإهمال والمتابعة لإجراءات السلامة بينما الثاني جاء بسبب تداعيات كبيرة وأنشطة تنظيم متطرف على مستوى العالم".
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي شاهو القرداغي أن ما جرى من تصعيد بين الطرفين يأتي في سياق الصراعات السياسية وتصفية الحسابات قبيل الانتخابات، وأشار إلى أنه يؤكد استفحال الصراع داخل البيت الشيعي.
وقال القرداغي في حديث: إن "هجوم شبل الزيدي بهذه الصراحة على شخص نوري المالكي يعكس تصعيد سياسي بين الطرفين وخاصة أنه يستغل حادثة حريق الكوت لتصفية الحسابات السياسية والدفاع عن المحافظ في وجه الانتقادات التي تعرض لها نتيجة لتعامله مع الحريق".
وأضاف أن "الحلفاء يحتاجون أحيانا إلى إثارة نوع من النزاعات والمشاكل الداخلية بينهم لغرض تحقيق الأهداف الانتخابية ودغدغة جمهورهم" مبينا أنه "ورغم ارتباط الهجوم بهذه الغايات ألا أنه يشكل علامة على وجود خلافات داخلية بين هذه القوى قد تنفجر في أي لحظة".
وتابع القرداغي: أن "الفصائل المسلحة والكيانات الصغيرة داخل البيت الشيعي أصبحت أيضا تمتلك إمبراطوريات اقتصادية وبالتالي تحاول أن ترسخ نفوذها داخل العملية السياسية"، مشددا على أن "تلك المساعي ستؤدي وبما لا يقبل الشك إلى صراع بين القوى الشيعية التقليدية في المرحلة المقبلة".
ويتفق مع ذلك، الباحث في الشأن السياسي غانم العابد، الذي يرى أن ما حصل يعكس حجم الصراع بين السوداني وحلفائه والمالكي وأتباعه، لكنه أوضح أن تهم الزيدي للمالكي بشأن سقوط الموصل صحيحة وتعيد طرح ملف الموصل وضرورة محاسبة المالكي المتسبب الأول فيه، حسب تعبيره.
وقال العابد في حديث له إن "تغريدة شبل الزيدي التي هاجم فيها المالكي ينطلق من الصراع بين دولة القانون والمالكي من جهة ومحاولة استهداف معسكر السوداني في الانتخابات المقبلة".
وأضاف: أن "هذا الهجوم يفتح حرب الملفات بين المالكي والسوداني باعتبار أن الصراع ليس وليد اليوم"، مشيراً إلى أن "المالكي حاول الإطاحة بالسوداني عبر تغيير قانون الانتخابات والذي يتضمن إعفاء رئيس الوزراء قبل 6 أشهر من الانتخابات، بسبب تخوفه من تحقيق السوداني الأغلبية النيابية وحصوله على الرقم واحد على صعيد القوى الشيعية، في ظل ضعف ونفور الشارع العراقي والشيعي تحديدا من الإطار التنسيقي".
وتوقع العابد: "استمرار وتصاعد حرب الملفات بين القادة السياسيين خلال المرحلة المقبلة والتي من شأنها تعزيز الانقسام داخل البيت الشيعي ولا سيما في ظل تراجع النفوذ الإيراني وضعفه في العراق جراء الضربات التي تعرضت لها طهران في المنطقة عموما خلال العام الأخير".
ونوه إلى أن "الملف الخطير الذي طرح في هجوم الزيدي على المالكي يتمثل بالتذكير بسقوط الموصل، وهو ما يعزز الاتجاه والرأي السائد بتورط المالكي في موضوع سيطرة داعش على الموصل من جهة وبراءة أهالي الموصل مما حصل في هذا السقوط وأنهم كانوا ضحية المؤامرة التي حاكها ونفذها بكل تفاصيلها نوري المالكي".
وأكد العابد أن "جميع الأدلة التي جمعت تؤكد تورط المالكي المباشر بسقوط الموصل وتداعيات ذلك السقوط، إذ أن كل التحركات التي كانت قبيل العاشر من حزيران 2024 تشير إلى مسؤوليته عن سيطرة داعش على المدن العراقية".
أما شبل الزيدي، فكان يحظى بدعم المالكي، وبحسب التقارير المسربة فإنه أول من دعمه في تشكيل كتائب الإمام علي مع ميليشيات أخرى، بعد أن كان قياديا في جيش المهدي، وتوجه له التهم بارتكاب جرائم قتل وممارسات طائفية خلال العمليات العسكرية في الأنبار وصلاح الدين، إلى جانب مشاركة قواته في دعم نظام بشار الأسد طيلة السنوات الماضية، وكذلك استهداف وتصفية المتظاهرين العراقيين عقب تظاهرات تشرين 2019.
الجدير بالذكر، أن التحضيرات للانتخابات البرلمانية المقبلة قسمت الشارع الشيعي إلى طرفين رئيسيين، باستثناء التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي ذهب باتجاه خيار مقاطعة الانتخابات والعمل الحكومي.