Skip to main content

حسابات صدام في غزو الكويت....

مقالات الأحد 31 آذار 2019 الساعة 17:33 مساءً (عدد المشاهدات 5561)

بغداد/ سكاي برس
وفيق السامرائي
وأجبت صدام: أنها أكبر هزيمة في التاريخ وأكبر من هزيمتي دزفول الشوش وخرمشهر (المحمرة)
كانت الاستخبارات العسكرية تقيم علاقات تنسيق وتعاون مع عشرات من الدول العربية وغيرها، ورفضت الكويت بطريقة دبلوماسية هادئة إقامة مثل هذه العلاقة، وكان قرارها دقيقا وصائبا، فالتعاون الاستخباراتي يجب أن يؤسس على قواعد الثقة، ولاشيء أكثر خطورة من إقامة تعاون مفتوح من دون ذلك، فمن خلال الانفتاح الاستخباراتي يمكن الحصول على تقديرات في غاية الأهمية ما يشكل خرقا أمنيا، ومثال على ذلك فإن تعاون الاستخبارات بين العراق وأميركا أضر كثيرا بأميركا؛ لأن وضع أجهزتها وقدراتها الفنية بالغة التعقيد وأساليب تحركاتها وقدرتها على التحليل أصبحت أمام الاستخبارات العراقية ككتاب مفتوح بعد أربع سنوات من تنسيق شبه يومي، بينما كنا حذرين جدا ومغلقين. 
ووفقا لما ورد، لم يكن العراق يعرف شيئا مهما عن فلسفة إدارة الصراع الكويتية. 
إعتقد صدام أن الكويت لقمة سائغة فلم يستشر القيادات العسكرية العليا بقراره للغزو واقتصر الاطلاع على حفنة الجهلة من رفاقه/ أتباعه. 
نعم يمكن للعراق أن يحقق تفوقا ساحقا مرحليا ولكن ماذا بعد ذلك؟ 
في الدقائق الأولى للغزو اخترقت الأجواء الكويتية نحو ثلاثين طائرة هليوكوبتر محملة بقوات خاصة وتصدى لها الطيران المقاتل الكويتي فاضطرب طياروها وتصادم نحو 26 طائرة منها وتحطمت واحترقت بمن فيها. 
كان غطاء العملية حدوث انقلاب كويتي داخلي وطلب الدعم من العراق وهي قصة كاذبة 100% حيث عجز النظام عن العثور على شخصين اثنين مستعدين لأن يكونا غطاء لاحتلال بلدهم. 
دخلت القوات الكويت، ونُهِبتْ ممتلكات الدولة ومتاجر الناس، وحرق علي حسن المجيد بموافقة صدام مئات آبار النفط لتكون حاجبا أمام استطلاع الأقمار وهو تصور في غاية السذاجة. 
انتشرت قوات عراقية ضخمة داخل الكويت وتجاهل النظام لشدة جهله قدرة التحالف على غلق المنطقة بكاملها وحصرها. 
ولم يكن صدام مقتنعا تماما بأن قرار حرب التحالف المقابلة حتمي. فكان يقول ربما يحصل الهجوم وربما لا وكانت الاستخبارات تؤكد أن الحرب حتمية إن لم ينسحب العراق. 
حاول الأميركيون خداع العراق بأن العمل الرئيسي سيكون هجوما مباشرا نحو الكويت وسربوا ملفا من نحو ألف صفحة لدفع العراق إلى القناعة بذلك فلم نقتنع. 
أرسلت الاستخبارات مجموعات من الاستطلاع العميق إلى داخل الأراضي السعودية ورصدت بكفاءة كل المناورة الواسعة لما سمي عمليات الخطاف الأيسر للاندفاع من الحدود السعودية إلى جنوب الناصرية وبعد تدمير الجسور الجنوبية تعزل القوات جنوب الخط وتدميرها. 
طلب صدام حضوري يوم 13/1/1991 وكان أمامه تقرير استخبارات مفصل فقال لي: ماهذا التقرير الانهزامي..؟ فشرحت له الموقف بصراحة وهدوء بما مفاده إذا لم ننسحب فسيقع الدمار!
كان (هادئا) لكنه لم يتراجع. 
بدأت الحرب، وأعددنا مخططا لرتل الخطاف الأيسر وبعد أن وصل اليه جاء إلى مقر الاستخبارات السري في العطيفية وتحدث مازحا: اللواء وفيق عاد تقرير (طير جريش/فلان/ من مقره)مكملا: قابل صندوق ويغلقوه علينا؟ 
وغلق الصندوق فعلا لاحقا وفقا للمخطط الذي أعددناه. 
وخلال القصف الجوي كتبت مذكرة محذرا من الخطر جدا وعلق عليها: (إنكم تتصرفون كأنكم تجار سلاح وتروجون للأسلحة الغربية، سيكون النصر حليفنا). 
فتحولت أم المعارك إلى أم الهزائم. 
فور توقف الحرب جاء الى المقر السري وسألني: كيف يرى اللواء وفيق حربنا الأخيره؟ (فأنطقني الله) وقلت والله .. أكبر هزيمة في التاريخ! فغضب وقال شدگول؟ فقلت إنها أسوأ من هزيمة دزفول الشوش والمحمرة (خرمشهر)! فرد علي بالنص: ( هاي اشبيك اليوم؟). وقال لي متملق من القادة: راح راسك يا أبا نوار! فقلت له إلى جهنم، ولكن من أنطقني حماني. وتحطمت القوات..
وهكذا يدفع العراق اليوم ثمن استبداد صدام بالحرب على إيران والكويت، وكل ما ساق من تبريرات كانت كاذبة أو سخيفة جدا أو كليهما. والله على ما كتبت شاهد. 
وليستحي المنحرفون من ضباعه من التبرير.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك