Skip to main content

صفحة طويت من تاريخ يهود العراق

مقالات السبت 06 آب 2016 الساعة 12:18 مساءً (عدد المشاهدات 2189)

بقلم/ مازن لطيف...

هكذا أغمض دواد خلاصجي اجفانه الى الابد، بعد ان ظل وفياً لتلك النسائم التي تأتيه من العراق، هذا الموت المر الذي اوجع قلبي عندما وصلني نبأ وفاته.

ولد داود خلاصجي عام 1921 وعمل في التجارة، امتهنت عائلته التجارة ، ذاع صيت هذه العائلة (خلاصجي)في جميع انحاء العراق، خاصة مدينة الديوانية، حيث هيمنت هيمنة تامة على زراعة الشلب(الرز) وخاصة العنبر. وقد ساهمت هذه العائلة في تطوير الزراعة في العراق أدخلت الوسائل الحديثة في الزراعة، حين انتقلوا الى الشامية وأنشأوا مطحنة للشلب، وجلبوا المكائن الزراعية الحديثة، وكانت مخازنهم قريبة من سكة القطار، تستقبل ناتج الرز لعائلاتهم وللاخرين في الديوانية والشامية والهندية والقرى المجاورة، ومنها تحمل بالقطار الى بغداد او البصرة حيث تصدر إلى خارج العراق.

عائلة خلاصجي من العوائل اليهودية العراقية العريقة والمعروفة برجالاتها وبثروتها وجاهها وشعبيتها.

غادر داود خلاصجي العراق عام 1974 وترك كل شىء من املاك وحساب في البنك ليخرج قسريا من بغداد، بغداد التي احبها خلاصجي ولن تفارق ذاكرته، تزوج من الفاضلة ايلين خلاصجي.

من صفاته كريم النفس ، طيب القلب، كل ضيف يزوره يهديه هدية، عراقي حقيقي ويحب بلده حيث يقول" نحن عائلة عراقية نحس بعراقيتنا ونعيشها يومياً"

قرأ ابنه روبرت في التأبين قائلاً:ولد في بغداد في 16 ديسمبر 1921 وفي نفس العام الذي تم تتويج أول ملك على العراق والتي كانت لا تزال تحت الرعاية البريطانية.

خطى داود على نهج جده داود والذي سمي بإسمه والذي كان يحظى بإحترام من قبل رؤساء العشائر والبريطانيون فكان كل من الطرفين يلتجأ لداود الجد لحل المشاكل بينهما وفي كثير من الاحيان كان يطفئ نيران خلافات الشائكة والحرجة. 

كان داود ومنذ سن مبكرة رجل بارز يحظى بأحترام وتقدير كبير لجميع من هم في السلطة في العراق و وكذلك العديد من اصدقاء منهم مسؤولون من مستوى عالٍ من ضمنهم وزراء وقادة الشرطة والجيش. 

كان داود مهذب جدا وذو اخلاق دمثة نقية في تعامله مع الناس وكان يكن الاحترام لكل من التقى به سواء كانوا وزراء او موظفين بسطاء. هذا الخُلق مكنه ان يصبح قبلة للجالية اليهودية العراقية لطلب المساعدة وحل مشاكلهم من خلال علاقاته واتصالاته

انتخب لعضوية في مجلس الطائفة اليهودية في العراق قبيل حرب 6 أيام وعمل بلا كلل من أجلها في الوقت الذي كان اليهود يعانون اسوء الاوضاع من ضمنها اختطافات واعدامات في الساحات العامة. وكان ضمن وفد يهودي من 4 أشخاص الذي زار صدام حسين في قصره بعد وفاة والدة صدام (وعاش ليروي الحكاية )

سعى داود قصارى جهده ولم يكن يوما مهتما بتسليط الضوء عليه ولم ينتظر جائزة او رد الجميل. 

كان العديد من رؤساء العشائر في جنوب العراق شركاء مع عائلة خلاصجي في الزراعة ولا زال التواصل معهم حتى وقتنا هذا. العديد من الابناء والاحفاد والذين اصبحوا نواب في برلمان او وزراء في حكومة ما بعد صدام منهم من يعرف داود بصورة شخصية ومنهم من خلال ما سرده عنه اباءهم او اجدادهم والذين عملوا قصارى جهده لزيارة داود وعائلته عند وصولهم الى لندن

تزوج داود من ايلين دنكور شقيقة السير نعيم دنكور في عام 1955 في احتفلا في شهر ديسمبر الماضي بعيد زواجهم الستين وتلقا برقية تهنئة من ملكة بريطانيا لهذه المناسبة. ولهما ولدان فريدي وروبرت. 

عانى داود مثل كثيرين من جيلة من الانتقال الى بلاد جديد بسبب الظروف في العراق فقد هاجر 1974 ولكنه لم ينسى وطنه الحبيب ابدا ودوما تحدث عن حبه الكبير وإعزازه للعراق.

كان والدي رجل حيقيقي واحب الحياة وكان دائما على استعداد لمساعدة الآخرين كلما في وسعه وسوف نفتقده كثيرا وكل من عرفه. 

يذكر صديقه اميل كوهين ان المرحوم : كان رجلا متميزا من أهالي الشامية وله علاقات حميمة مع شخصيات عراقية مشهورة ومع شيوخ الحلة والديوانية. ورغم أنه سكن في بريطانيا أكثر من أربعين عاما فلم يخفت منه الشوق الى العراق وكما ذكر في حلقة اليهود العراقيين في بريطانيا لم أزور إسرائيل مرة واحدة من أجل الأمل للعودة الى العراق يوما. كما وذكرت زوجته ورفيقة عمره ايلين أنه حين أجبروا على ترك العراق انحنت مع زوجها وقبلت عتبة الباب. الحقيقة خسر العراق بوفاته سفيرا له يركم عليه المدح والأطراء. يعتز داود خلاصجي بعصر عبد الكريم قاسم ويكن لذلك الزمان بالشوق والحنين. من الصعب أن نجد بين اليهود من هو أكثر وطنية من داود خلاصجي.

في حين تتذكر الناشطة النسوية نيران البصون انها تتربط بعلاقة عائلية وثقة وتقول والدي المرحوم عمل مع ابناء عم داود خلاصجي في بغداد بعد ان ترك الصحافة ووالدتي المرحومة عملت في مدرسة الطائفة اليهودية في بغداد ومن خلالها تعرفت على داود وزوجته ايلين والتي توثقت صداقتهم فيما بعد بالاضافة ان ابن داود البكر فريدي كان زميلي في المدرسة من اليوم الاول في الروضة ولا نزال على تواصل مستمر ووثيق.

عمو داود ذو الوجه البشوش والابتسامة الدائمية التي تبعث الطمأنينة في كل من يراه. يستقبل الحميع بالترحيب العراقي المعروف . عندما تدخل بيت داود وايلين خلاصجي تشعر انك في بيتك. 

حالفني الحظ ان احظى بزيارة داود وعائلته في بيته ودوما شعرت بالحب الابوي الذي يكنه لي. 

في زيارتك الى بيت داود وايلين خلاصجي تستقبلك المائدة الغنية بالمأكولات العراقية من صنع ايلين والتي تشرف عليها شخصيا وبدقة لتُشبع عينك قبل اي شئ ويقوم داود برعاية الضيوف فيهتم بضيوفه بصورة شخصية ويتفانى بذلك. وقبل ان تغادر يقدم لك داود الهدية البسيطة والمعبرة.

رحم الله داود خلاصجي وألهم اهله الصبر والسلوان وادام الله زوجته ايلين 

توفي في يوم 1/8/2016 ودفن في مقبرة بري لين اليهودية شمال لندن، وبوفاته طويت صحفة مهمة من تاريخ يهود العراق

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة