هادي جلو مرعي
عبر التاريخ مرغت حضارات العراق أنوف الغزاة والبغاة، وكانت ممالك بلاد الرافدين تهين بعض الكبار في الجوار، وتري الصغار صغارهم وضآلتهم، وإنهم ليسوا سوى تفاهات في مواجهة الجار الشمالي، أو الشرقي، أو الغربي، أو أو.وبرغم تفاهات تاريخية وقع فيها حكام حمقى تعاقبوا على هذا الوطن إلا إنه بقي مقصد سهام الحقد، والقوي الذي يرهبونه حتى وهو مثخن بالجراح.
صورة الحسين بن علي، والسهام في كل موضع من جسده الشريف تتراءى، بينما القتلة يحملون سيوفهم ورماحهم وهراواتهم وحرابهم يلفون ويدورون حول جسده المدمى والمنهك والمقطع الأوصال خائفين خشية ان ينتفض ليشتتهم في الصحراء. العراق صنيعة الحسين أنهكه حكامه بالحروب والحصارات والرعونة والأخطاء القاتلة، مثقل بالجراح، منهك القوى، عطش للماء، محروم شعبه من حقوقه، يتوزع سياسيوه بولاءاتهم على دول الجوار، ينفذون أوامر أصحاب القرار فيها.
لكنه العراق الغريب الأطوار، الثمل، المنتشي، الموغل في الأناقة والكياسة، الحاد الطباع، الذي يموت أبناؤه من أجل العشيرة، والدين، والقرية، ومن اجل نداء إمرأة، أو لأجل بقرة توغلت في حقل فلاح من عشيرة اخرى. هذا العراق المخيف الهادر. المتصحر الذي يجوع ويعرى. كأنه الرجل الوحيد. وجيرانه كأنهم النساء. يذكرني بعودة البطل الأسطوري من طروادة الى أثينا، فيمر بجزيرة كلها نساء يتناوشنه بالرغبة والشهوة، ويطيح بهن الواحدة تلو الأخرى.
مبعثر، ظامي، حرارة جسده وصلت الى 50 درجة ومايزال يرتشف الشاي عند ظهيرة كل يوم من حزيران وتموز وآب اللهاب. يبحث عن دفء في حضن إمرأة مشتهية لاتشبع. هو يعرف إن جيرانه يملكون من خزين الخسة مالايطاق، لكنه يتجاهل كل ذلك، ويستمر في نشوته الأبدية. يسمع كلمات الشيوخ، والأمراء، والساسة، وكتابهم الفجرة( كفونا شر العراك.. ومنهم من يقولها عيراق أو عراق).
الأيام دول، وهناك اللحظات الكافرة الآتية.. يسألني صديقي القادم من البرد.لماذا لم تبق في كندا، أو أمريكا، أو فرنسا، أو أو في اي بلاد زرتها فالعراق لايطاق؟ قلت له وأنا أقود سيارتي التي تعاني، وتكاد تتفسخ الى أجزاء بسبب القدم( صدرها واكع) وآه من صدرها الواكع... قلت: هل تدري إنني لاأبالي في نصح الناس بالهجرة لكنني لاأجيد إلا أن أرى تراب قريتي، ووجع المتسولين، وحزن اليتامى والعاطلين عن العمل، والشوارع المرهقة، ووجوه السياسيين الفاسدين والتجار والمقاولين الذين يسرقون أموال العراق لأبصق فيها.
من هي الكويت لتضيء ظلام العراق؟جريدة الأنباء الكويتية تصلح لتنظيف دورات المياه، وليس لنشر الأخبار..
- الصفحة الرئيسية
- مقالات
- من هي الكويت لتضيء ظلام العراق؟؟
من هي الكويت لتضيء ظلام العراق؟؟
مقالات الاثنين 23 تموز 2018 الساعة 11:16 صباحاً (عدد المشاهدات 2589)
الأكثر قراءة
- لـــ "تطوير ميناء الفاو الكبير" .. ابو ظبي توقع اتفاقية مع العراق 12:47 مساءً
- منها "المشاركة في انتخابات مبكرة".. خطوات جديدة للصدر وربما انطلاقة لمشروع صدري جديد! 01:43 مساءً
- "وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا" هل تغاضت المجتمعات عن قول الله .. وهل اصبح رمضان شهر الاسراف والتبذير؟!! 02:59 مساءً
- إهتمام خليجي متزايد لـــ "الاستثمار في العراق" .. وخطوات لإستضافة زعماء دول الخليج في ريكسوس الفاخر! 12:31 مساءً
- رسالة لــ بايدن تثير التفاعل بعد مهاجمة "السوداني" من قبل ثمانية مشرعين بالكونغرس الامريكي!! 12:54 مساءً
- كيف ستكون الطريقة والتوقيت ؟ .. سيناريوهات إسرائيل للانتقام من إيران !! 01:41 مساءً
- ضمنها ملف "الوجود الامريكي في العراق" .. تعرف على محاور المحادثات العراقية في امريكا الاسبوع المقبل! 12:54 مساءً
- هل سيتجرع الخامئني كاس السم كما تجرعه سلفه ؟! 01:32 مساءً