Skip to main content

روسيا تتقدم نحو نظام عالمي جديد .!

مقالات الجمعة 25 شباط 2022 الساعة 14:12 مساءً (عدد المشاهدات 4091)

سكاي برس /

طه حسن
باحث في الشأن السياسي و الأمني

لم يكنُ كلام الرئيس المصري الأسبق حُسني مبارك حين قال (( المتغطي بالأمريكان عريان )) كلاماً عابرا ، بل كونه كان ضحية لذلك السلوك الأمريكي الأنتهازي ، فعندما يخرج أحد موظفي البيت الأبيض ليبُلغ العالم بنهاية صلاحية نظام مبارك ، هُنا يقدم الأمريكيون دليلاً جديداً على صحة هذه العبارة ، بعد أن أوهم العراق بأنه سيحمي أرضه و سماءه و ماءه أمام أي أعتداء مُحتمل وفق الأتفاقية الأمنية المُوقعه بين البلدين ، بعد ذلك تركه طُعماً سهلاً لتنظيم داعش الأرهابي حتى أحتل ثُلث البلاد ، كما أن أنسحابهم من أفغانستان ليتركوا هذا البلد هدفاً سهلاً أمام حركة طالبان لتستولي على البلاد ، هذه دلائل شاهده على أنتهازية أمريكا في تخليها عن حُلفائها بسهوله ، فأمريكا أثبتت بالدلائل أنها لا تمتلك حُلفاء بل تعتبر هؤلاء أدوات لتنفيذ مصالحها .؟

المتابع للسياسة الأمريكيه يعلم أنها قد أوهمت أوكرانيا كما أوهمت قبلها شاه أيران شُرطي الخليج و حُسني مُبارك و قبله السادات و زين العابدين بن علي في تونس و صدام في العراق وعِبارته المشهوره ( وغدر الغادرون ) و أشرف غني رئيس أفغانستان بأنها ستحميهم ، وأن أوروبا أوهمتهم بعضوية الناتو .؟
أمريكا التي زودت أوكرانيا بمنظومة صاروخية دفاعية ، وأوروبا زودتها بشحنات أسلحة ، وأظهروا للحكومة وللشعب الأوكراني بأنهم يقفون من خلفكم فلا تخشوا الثرثرة الروسية ، هذه الحالة التي عاشتها أوكرانيا لسنوات طوال ، اليوم وفي ليلة وضحاها يسقط القناع عنها في ظل الهجوم الروسي على أوكرانيا حتى وصلت قاب قوسين أو أدنى من العاصمة كييف ، روسيا اليوم تصر لإعادة كييف لحضنها ، فجأة تبدّلت اللغة الأمريكية و الأوروبية وتركوا أوكرانيا تواجه مصيرها أمام الدب الروسي .

بالأمس تابعت نهاية فصول المسرحية الأوروأمريكية في خطاب المتحدث للبيت الأبيض ( سوليفان ) اقل ما يمكن وصفه ب ( الخطاب الهستيري ) ، حيث كانت حالة و لغة سوليفان متوترة وهو يطالب لأكثر من 10 مرات المواطنين الامريكيين في أوكرانيا بالمغادرة فوراً خلال مُدة لا تتجاوز ال 24 ساعة ، بل الأكثر دهشة في خطابه أنه تحول كناطق بأسم الجيش الروسي وصار يُحدد أوقات الهجوم الروسي على أوكرانيا ويصفه ويحدد هيئته سواء جواً أو براً ، ويضيف بأن روسيا في غزوها هذا ستصل العاصمة كييف ، ثم دافع عن بلاده ليوحي للمشاهد بأن أمريكا فعلت ما تستطيع من أجل أوكرانيا متجنباً غضب روسيا ، فيقول بأن أمريكا أرسلت لأوكرانيا أسلحة دفاعية ، ثم يقول للأمريكان في أوكرانيا بأنه لو بقي مواطنين أمريكيين فيها خلال الحرب فإن الرئيس بايدن قرر بألا يتم أجلاؤهم أثناء الحرب .؟

كل هذا وأكثر قيل في خطابه الهستيري بالأمس ، فعلاً لمست حالة من الهستيريا ، فأمريكا التي أوهمت أوكرانيا بحمايتها هي الآن لا تحميها بل قتلت الروح المعنوية للقيادة و الشعب الأوكراني ،
المُتابع للأحداث أصبح على يقين بأن الدُب الروسي لم بعُد ينظُر الى الخلف وأنها ستمضي في تأمين حدودها ولم تسمح لأمريكا ولا للناتو في تهديد أمنها و حدودها ، في وقت سابق طلبت ضمانات أمنية من أمريكا و أوروبا ولم يتم تحقيقها ، لذلك ذهبت لتحقيق ضماناتها الأمنية بقوة سلاحها و جيشها ، لذا مُخطى من يظن أن بوتين مستبد أو غازي .؟

أغلب المُعطيات و المؤشرات كانت تدل على آن بوتين ليس بمستبد ولا غازيا ، لكن من جعله يتجرع هذا الكأس من السُم هُم الأنتهازيين في حلف الناتو بزعامة امريكا ، حيثُ وضعت بوتين أمام خيارين لا ثالث لهما :
1- إما القبول بالتهديدات الامنية التي ستلحق بروسيا نتيجة ضم أوكرانيا لحلف الناتو .

2- أو القبول بالعقوبات الاقتصادية ورفض تهديد الأمن القومي الروسي واللجوء لخيار الحرب الدفاعية بطابعها الهجومي وهذا ما فعله بوتين .

المُتابع للشأن السياسي أصبح على يقين بأن الحالة الاوكرانية هي درس كبير و عملي وعلى الهواء مباشرة لكل الأنظمة العربية التي طبّعت أو تفكر في التطبيع مع الكيان الصهيوني أو تلك الحكومات الزاحفه فوق بلاط البيت الأبيض أملاً أو بحثاً عن الحماية لعروشهم في مواجهة شعوبهم ، وإن ما حصل مع أوكرانيا التي أختارت الذهاب صوب البيت الأمريكي و الأوروبي والتي حصلت منهم على بعض الوعود و الكلمات وبعضٍ فتات من الأسلحة القديمة في مخازنها ، لكن عِندما حلت ساعة الجد و أقترابت ساعة الصفر تخلت عنها وجعلته يواجه مصيره المجهول لوحده .؟

العِبره من كُل ذلك أن الأنظمة التي لا تحمي نفسها بشعوبها ، لا أحد يستطيع حمايتها من الخارج مهما بلغت قوته ..!

حمل تطبيق skypressiq على جوالك