Skip to main content

محاكمة "هارون الرشيد" ... عندما يكون "الغباء" وجهة نظر

مقالات الخميس 04 نيسان 2019 الساعة 20:28 مساءً (عدد المشاهدات 4120)

بقلم/ سمير الربيعي

قرأت قبل فترة من الزمن للأديب الساخر أحمد رجب  كتاب بعنوان (محاكمة علي بابا) والذي تم أيضاً تحويله إلى فيلم تلفزيوني في فترة الثمانينات، 

الفيلم والقصة تحكي باختصار و بشكل أساسي عن تلميذ في مرحلته الابتدائية، وقد كوّن لنفسه رأيا مختلفا فى قصة "على بابا والاربعين حرامي" حين روتها المعلّمة فى المدرسة، ففى حين أن التراث يتداول القصة بمنظور يدلل على ذكاء على بابا، مُركزا على نجاحه فى القضاء على العصابة بمساعدة مُرجانة جاريته المُخلصة، منتصرا على العصابة وزعيمها، يلتفت الصغير إلى حقيقة صغيرة مُهمَلة، وهى أن "علي بابا" محض لِص، نجح فى سرقة لصوص آخرين ليكوّن ثروته الخاصة، الشىء الذى يستوجب العقاب لا الاحتفاء والتمجيد..

يحاول الاب تغيير رأى صغيره ويفشل، فما يقوله الصغير يبدو منطقيا بالفعل ، لذا يُقرر فى النهاية - بإيعاز من أم الطفل، وهى طبيبة نفسية تحاول تطبيق طرق الطب النفسي التربوية الحديثة فى تنشئة صغارها - أن يوهم الطفل أن علي بابا نال جزاءه بالفعل، وتمت محاسبته على سرقة العصابة، ويحاول التوصل إلى اتفاق ما مع أحد ضباط الشرطة، ليساعده فى هذه المسرحية الصغيرة، ليوهم الصبى أن على بابا قد نال جزاءه ، لكن تقع مفارقة لم تكن في الحسبان،عندما يقبض ضابط الشرطة على الاب بعد الشك في قواه العقلية لاعتقاده بان هذا الرجل  مجرد انسان مخبول فيتم ارساله الى مستشفى الامراض العقلية.

حكاية علي بابا والاربعين حرامي او غيرها من قصص الفساد التي انتجتها السينما لاتحتاج الى ناقد سينمائي او سياسي محنك لاظهار الحكمة الشديدة من تلك المحاكمة فالتاريخ قد قال كلمته وكتب قصته ومن المعيب محاكمته’ لان محاكمته لاتصل بنا  لشي يذكر..

الحكمة الشديدة من تلك المحاكمة فالتاريخ قد قال كلمته وكتب قصته ومن المعيب محاكمته’ لان محاكمته لاتصل بنا  لشي يذكر..

 وها نحن اليوم   بعد مرور مايقارب اربعة عقود على تلك القصة الساخرة ومثلها  على انتاج  فليمها العبثي، يدور الزمن دورته ويعاد كتابة تلك القصة الساخرة  لكن بسرد اخر وكاتب اخر تعيد القصة نفسها على نطاق أوسع.وبمحاكمة اشمل.اجتمعت به الضغائن والاحقاد ممزوجة بعنصرية مقيته, فنبرى لنا احدهم متطاولنا على تاريخنا العربي مطالبا بمحاكمة الخليفة العباسي هارون الرشيد وتجريد احد  شوارع  بغداد من اسمه لانه قتل احد الائمة الاخيار-عليهم السلام- ولو رجعنا لفترة وجيزة وسمعنا صوت الامام الراحل محمد باقر الصدر-رضوان الله تعالى عليه- عندما طرح  سؤالاً في نهاية السبعينيات وفي محاضرة موسومة (حب الدنيا) امام طلبة العلوم الدينية قائلاً "هل طرحت علينا دنيا هارون حتى لم نصنع مع صنعه هارون مع موسى الكاظم؟

نحن نعرف ان التاريخ لا تكتبه الملائكة ولا يصنعه النبلاء لكن وبكل تاكيد نعلم علم اليقين ان من يعيش في الماضي لايمكنه بناء مستقبل بل سيعيد البلاد الى العصر الجاهلي وسيجرنا وراه نحو الهاوية .ولا اعرف على ماذا يراهنون بغبائهم هذا.

من الواضح أننا لا نتحدث عن تأزم سياسي فقط، وإنما نشير إلى أزمة أصابت السياسة والاقتصاد والمجتمع والقيم والحياة الروحية.بفضل نخبة من ساسة يحملون درجة عالية من الغباء السياسي والديني والتاريخي على حدا سواء.ويحق لمنتسبي وزارة الصحة حجرهم في مستشفى الامراض العقلية لما يحملو من فكر مريض وعقل مشوه.او ليقول القضاء العراقي قوله بهم ويحاكمهم  بتهمة الغباء السياسي.لانهم لم يتخلو بخلاق علي بابا فقد استولوا على الكنزكله وحتفظوا به بالمغارة.

 

 

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك