Skip to main content

"صدام حسين" ..عقدة الماضي وشبح الحاضر !

مقالات الاثنين 29 نيسان 2019 الساعة 09:10 صباحاً (عدد المشاهدات 5606)

بقلم/ سمير الربيعي

تقف تلك المنصة التي كانت تحمل التمثال البرونزي الشهير في مكانها، ولكنها فارغة،تنتظر بفارغ الصبر من يعتليها مرة اخرى, تشهد على أن العراقيين مازالوا يبحثون عن رموز توحدهم وتعبر عن هويتهم  في مرحلة ما بعد القائد الظرورة لكن للاسف فقد جائتنا امريكا بالف الف صدام  وهي من واعدتنا بالتغير.

 بعد إسقاط التمثال البرونزي من منصته التي تتوسط ساحة الفردوس في بغداد وانهاء حكم الرئيس صدام حسين  صرّح وزير الدفاع الأمريكي انذاك(دونالد رامسفيلد)للصحافة قائلا,

  مشاهد العراقيين الذين يحتفلون في الشوارع ويصعدون إلى الدبابات الأمريكية ويسقطون تماثيل صدام حسين في وسط بغداد تحبس الأنفاس. عندما تراهم لا يمكنك إلا أن تفكر في سقوط جدار برلين وانهيار الستار الحديدي. إننا ننظر إلى التاريخ وهو يكتب.

بهذا النمط من التفكير، بدت الأمور وردية للمخطط الأمريكي، وهو يقوم بتجهيزاته لاحتلال العراق.لكنها كانت قاتمه هنا في بغداد .يقف المواطن العراقي بشتى انتماءاته حائرا أمام ما يمكن أن ينتجه هذا السقوط المريب والضياع القادم.

 لم يرى وزير الدفاع الأمريكي، حاجة لأكثر من ثلاثين ألف جندي لاحتلال العراق. قال حسبما تسجله محاضر التسجيل لجلسات التحضير للحرب مع كبار القادة العسكريين: إن وسائل الحرب التقليدية قد فات أوانها، وأن للقوات الأمريكية قدرات خارقة على كشف كل شيء يتحرك على الأرض، وفي قاع البحار. وإن أشعة الليزر قادرة على رصد القطاعات العسكرية التي تتحرك في الظلام، وتوجيه أسلحتها في غضون ثوانٍ عليها. ولذلك فلا حاجة لعدد كبير من الجنود في عملية احتلال العراق. إن الثلاثين ألفاً الذين سيتم إرسالهم من الجنود الأمريكيين لن يكونوا هناك للقتال، ولكن للحفاظ على الأمن، وتنظيم حركة الشوارع في الأيام الأولى للغزو،بهذا التحليل السخيف اختزل الوزير الامريكي النزق حياة شعب بكامله جعلت منه فريسة لكل من هب ودب.كانت فترة ثلاثة أسابيع كافية لإنهاء نظام صدام حسين بين أولى الغارات الأمريكية في 20 آذار 2003 وحتى سقوط بغداد في التاسع من نيسان..

 اعتبر صحافيون من قناة الجزيرة أنّ لحظة الإسقاط كانت أشبه “بعرض مشوق... وفكرة ذكية جداً”، فقد تمّ إحضار العراقيين إلى الساحة كما يجري إحضار الممثلين إلى موقع التصوير وتعتبر تلك اللحظة واحدة من أهم تجليات صناعة الانتصارات والهزائم والفوضى.

صورة رفع العلم الأمريكي على تمثال صدام قد تكون عصية على النسيان، فقد ضجّت الصحافة العربية والعالمية بها كانت تلك  للحظة  لحظة فاصلة في تاريخ العراق,ورسم جديد لخارطته..،

أخطأ الأمريكيون مند اللحظة الأولى لدخولهم بغداد وذلك عندما الصقوا علمهم على وجه تمثال صدام. مند تلك اللحظة نسي الجميع صدام ورسخت في عقولهم فكرة احتلال بغداد وسقوطها في أيدي قوات احتلال لا تحرير.كما كانوا يزعمون.لكن سرعان ما تداركوا الامر ليرفعوا علم البعث وليسقطوا تمثال قائد البعث الذي كان ولقرابة عقود كثيرة من الزمن عصي على السقوط. .

وكان سقوط تمثال صدام الذي شيده في عام 2002 احتفالا بعيد ميلاه  إيذانا بإمساك الأميركيين بزمام الأمور في اركان وموسسات الدولة العراقية التي انهارت رسميا.مع اختفاء اي اثر لمظاهر السلطات العراقية في الشارع.انهيار تام بكل مفاصل الحياة.وتباينت مواقف العراقيين بين معبر عن سعادته بإسقاط التمثال  كرمز دال على سقوط نظامه، بالنظر لما كان يمثله لهم من ديكتاتورية وتفرد في الحكم، وبين هؤلاء الذين بكوا على جنبات ساحة الفردوس وهم يرون تمثال زعيمهم يتهاوى بدون ادنى مقاومة.

لقد أكد الاحتلال المقيت، وما تمخض عنه، من تدمير للدولة ومصادرة هويتها، وإعادة تشكيل هياكلها على أساس القسمة بين الطوائف والأقليات القومية، وما نتج عن ذلك، من فوضى وانعدام للأمن وقتل على الهوية، أنه لا يختلف في جوهره، عن جوهر الاحتلالات السابقة التي شهدتها بلدان عربية، من ضمنها العراق بالعصر الحديث وربما اسواء بكثير. لانهم

 لم يغيروا نظاما سياسيا فحسب وإنما هدوا دولة بأكملها ولم يستطيعوا إعادة بنائها، هزوا ركائز التعايش السلمي في ارجاء العراق. 

وانقسمت البلاد إلى كيانات أشبه بالكنتونات بين طوائف المجتمع الدينية والعرقية، واضطر مئات الألوف من السكان إلى النزوح عن مناطقهم نجاة بأنفسهم من عنف طاحن أو بفعل فاعل يريد تغييرا ديموغرافيا (سكانياً) للقرى والمدن والقرى على أسس طائفية وعرقية وحصد العنف أرواح عشرات الألوف، وأقعد أضعافهم بإعاقات جسدية ونفسية، وترملت النساء وتيتم الأطفال.وانتشرت المليشيات والجماعات المسلحة تحت أسماء تخفي طابعا طائفيا،ومذهبيا مقيتا. وبات الأكراد قاب قوسين أو أدنى من الانفصال رغم تصريحات بعض المسؤولين في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي..

لم يكن يوم سقوط تمثال صدام حسين نهاية الاستبداد وإنما بداية صراع شرس قد يتخذ أشكالا مختلفة ويدوم سنوات ولانعرف طبيعة الصراعات لان كل اطرافها تدعي المقاومة والوطنية.

صحيح ان التمثال قد اسقط لكن جذوره ابت ان تسقط  ومادامت قاعدته موجودة فلايزال شبح صدام يحكمنا.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة