Skip to main content

هل تلعب عمان دور الوسيط بين إسرائيل وإيران؟

تقاريـر الأحد 04 تشرين ثاني 2018 الساعة 17:16 مساءً (عدد المشاهدات 2323)

بغداد  /  سكاي برس

يبدو أن سلطان عمان "قابوس آل سعيد" قد صدم العالم على حين غرة عندما استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" في مسقط الأسبوع الماضي. وكان "قابوس"، الذي تلقى تعليمه في بريطانيا، والذي يعد أيضا أقدم ملوك العالم العربي وأطولهم حكما، قد لعب دورا لا غنى عنه منذ توليه السلطة عام 1970 لتضييق الخلافات بين واشنطن وطهران، وبين (إسرائيل) والدول العربية.

وعلى سبيل المثال، وسط شائعات عن هجوم إسرائيلي وشيك على إيران عام 2011، ساعد "قابوس" إدارة "أوباما" بتسهيل إعادة التواصل عبر قناة خلفية سرية مع إيران، مما أدى إلى الاتفاق المؤقت لعام 2013، الذي كان بمثابة مقدمة لخطة العمل المشتركة الشاملة لعام 2015.

وعلى الرغم من معارضة "نتنياهو" بشدة للاتفاق النووي الإيراني، وممارسة الضغط بنشاط على إدارة "ترامب" لإلغائها بالكامل، إلا أن زيارته إلى مسقط تم تنسيقها بشكل وثيق مع البيت الأبيض، وبجهد من صهر الرئيس "جاريد كوشنر"، على وجه الخصوص، للمساعدة في دعم خطة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وبدعوة "نتنياهو"، أظهرت سلطنة عُمان جرأة دبلوماسية كبيرة بالسعي لاستيعاب قوتين إقليميتين، وهما (إسرائيل) وإيران، وهما قوتان لا تقبلهما دول الخليج العربية.

قضية "خاشقجي"

ومن المرجح أن الاستعدادات لزيارة "نتنياهو" كانت قد بدأت في فبراير/شباط الماضي عندما زار وزير الخارجية العماني "يوسف بن علوي" المسجد الأقصى في القدس، حيث دعا إلى ضرورة إقامة دولة فلسطينية. لكن توقيت محادثات الزعيم الإسرائيلي في مسقط يتزامن مع غضب دولي متزايد إزاء مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول.

ومن وجهة نظر عمانية، فإن قضية "خاشقجي"، التي تتأثر بالمواجهة بين الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" وولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة "محمد بن سلمان"، تسهم أكثر في عدم الاستقرار في المنطقة المتقلبة في الشرق الأوسط.

وتعتقد مسقط أن (إسرائيل) هي قوة استقرار في الشرق الأوسط، وخاصة الآن وسط التوتر التركي السعودي، وبالتالي تسعى إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال دعم عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة، عبر إشراك "نتنياهو" والرئيس الفلسطيني "محمود عباس" علانية.

لكن سلطنة عُمان تدرك أيضا أن الرأي العام العربي يؤيد القضية الفلسطينية بشكل مباشر، وهو ما يفسر سبب إرسال "قابوس" رسالة شخصية إلى "عباس" على الفور بعد الاجتماع مع "نتنياهو"، حيث عبر عن دعمه لدولة فلسطينية مستقلة. وقصد "قابوس" إرسال رسالة إلى "عباس" مفادها أن عُمان لم تتخل عن القضية الفلسطينية، بعد الانتقادات العربية والفلسطينية لزيارة "نتنياهو" لعُمان. كما استقبل "قابوس"، "عباس" قبل يومين من وصول "نتنياهو".

وفي أعقاب زيارة "نتنياهو"، أكد وزير الخارجية العماني أن السلطنة لا تسعى إلى "التوسط" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكنها تسعى إلى الجمع بين الطرفين. وأضاف: "يتوافق دورنا الرئيسي في عملية السلام مع الإدارة الأمريكية. وتعد إقامة دولة فلسطينية ضرورة استراتيجية، وبدونها لن يكون هناك استقرار في المنطقة".

العلاقة العمانية الإسرائيلية

وعلى الرغم من أن عمان و(إسرائيل) لا تتمتعان في الوقت الحاضر بعلاقات دبلوماسية رسمية، إلا أن البلدين حافظا قبل وصول "نتنياهو"على علاقات منخفضة المستوى عبر مركز الشرق الأوسط للبحوث وتحلية المياه، وهي منظمة مقرها في مسقط تكرس جهودها للاجتماع بين علماء إسرائيليين وفلسطينيين وعرب للتعاون في مجال الأمن المائي. وتعد المنظمة هي الكيان الوحيد الباقي من اتفاقات أوسلو.

لكن دعم "قابوس" لصنع السلام العربي الإسرائيلي يعود إلى عام 1979 عندما أصبحت عمان الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقاطع مصر بعد أن قام رئيسها "أنور السادات" بالسلام مع (إسرائيل). وبالمثل، في عام 1994، وفي أعقاب اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية مباشرة، سعى "قابوس" لتكريم صديقه ومرشده، الملك "حسين" ملك الأردن، بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "إسحق رابين" إلى مدينة "صلالة" العمانية الجنوبية. ،عندما قُتل "رابين"، أرسل "قابوس" مبعوثا إلى الجنازة.

ومن بين جميع الأنظمة الملكية العربية، تحتفظ عُمان بعلاقات ودية مع إيران، وهو ما يفسر سبب تمكنها من المساعدة في تسهيل إعادة الاتصال السرية بين طهران وإدارة "أوباما". ولذا، كان انتقاد إيران لقرار "قابوس" باستضافة "نتنياهو" في حده الأدنى، حيث لم يتضمن أي تصريحات من الرئيس "حسن روحاني" أو المرشد الأعلى "علي خامنئي". ولو زار "نتنياهو" أي دولة خليجية أخرى لكانت إيران قد أعربت عن غضب شديد. كما كانت الإدانة العربية والفلسطينية لزيارة "نتنياهو" ضعيفة بالمثل.

التعامل مع السعوديين

وعلى الرغم من أن عمان قد أقرت أنها لا تسعى للتوسط في السلام الفلسطيني الإسرائيلي، ولكنها فقط تقدم "أفكارا" و"اقتراحاتٍ" حول كيفية حلحلة الأزمة، فإن مسقط تفهم أنه لا يمكن التوصل إلى معاهدة سلام شاملة بين الطرفين دون دعم المملكة العربية السعودية. ولتحقيق هذه الغاية، يبدو أن "قابوس" يمثل حلقة الوصل بين "ترامب" و"نتنياهو" و"بن سلمان"، حيث من المقرر أن يقوم ولي العهد السعودي بزيارة مسقط في وقت قريب كجزء من سعي مسقط لنزع فتيل التوترات الإقليمية التي تفاقمت بسبب قضية "خاشقجي".

وعبر المسارعة لمساعدة "بن سلمان" المحاصر، يسعى "قابوس" إلى حشد الدعم العربي لجارة عمان القوية، المملكة العربية السعودية، بينما في نفس الوقت يستغل القضية الفلسطينية لتعزيز الصلة بين واشنطن والرياض وتل أبيب، من أجل استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط الأوسع من خلال إقامة دولة فلسطينية.

وكجزء من هذا الجهد، يبدو أن "نتنياهو" قد طار فوق المجال الجوي السعودي من وإلى سلطنة عمان، وهي خطوة بالتأكيد تم الاتفاق عليها مع السلطات السعودية مسبقا. وفي ظل البيئة الجيوسياسية الحالية، التي توازن فيها واشنطن بين الضغط على الرياض لمحاسبة المسؤولين عن قتل "خاشقجي" مع الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية، من المعقول أن يضغط البيت الأبيض على "بن سلمان" لمنح "نتنياهو" هذا الإذن.

ولأن "قابوس" مقرب من إيران، التي يعتبرها "نتنياهو" العدو اللدود لـ(إسرائيل)، يضع السلطان نفسه كوسيط محتمل بين طهران وواشنطن وبين طهران وتل أبيب، كجزء من سعيه لنزع فتيل التوترات الإقليمية. وفي ضوء قرار "ترامب" بالتخلي عن خطة العمل المشتركة، وعدم القدرة على إعادة إشراك طهران، قد يراهن "قابوس" على أنه من خلال إشراك "نتنياهو" مباشرة في حوار مع إيران، قد يكون هذا هو الطريق الأوحد إلى الوفاق الأمريكي الإيراني. وفي هذه العملية، قد تساعد عُمان في نزع فتيل التوتر بين (إسرائيل) وإيران، بما في ذلك حول سوريا.

ومثلما تدخل "قابوس" عام 2011 لمنع حرب بين (إسرائيل) وإيران، من خلال مساعدة واشنطن عبر قناة خلفية، ربما تدخل السلطان مرة أخرى بدعوة "نتنياهو" للمساعدة في نزع فتيل التوترات بين الولايات المتحدة والسعودية عبر تسريع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية. ومن خلال دعوة "نتنياهو"، قد تثبت بادرة "قابوس" بأنها مهمة لصنع السلام العربي الإسرائيلي، تماما كخطاب "السادات" التاريخي أمام الكنيست.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك