Skip to main content

في العراق: الاعلام افيون الشعوب

مقالات الخميس 07 كانون أول 2017 الساعة 19:08 مساءً (عدد المشاهدات 6529)

بقلم : د نبيل ياسين

الاعلام يسمى السلطة الرابعة، اي سلطة الشعب وسلطة الرأي العام، والبث الاذاعي والتلفزيوني يسمى البث العام ، وهذا يعني ان عشرة من عشرة من مقدمي البرامج ومخططي السياسة الاعلامية لكل قناة وكل اذاعة يجب ان يكون اهتمامهم منصبا على مراعاة مايريده الرأي العام، اما ان يفرض مقدمو البرامج وومخططو السياسات الاعلامية، ان وجدوا وان وجدضيوفا مكررين من برلمانيين وسياسيين ومسؤولين يمثلون احزابهم وصراعاتهم ويحرضونهم على خوض صراعات طائفية وحزبية وايديولوجية مما يقع في خانة انتهاك الدستور فهذا يعتبر تعديا على الرأي العام نفسه ومشاركة السياسيين في اضطهاد الشعب وتدني وعيه والاعتداء على مشاعره واشغاله بخصومات الاحزاب والسياسيين خاصة وان معظمهم لايملك ثقافة سياسية ولا خطابا سياسيا ومعظمه طائفي يثير الفتن الطائفية ويحرض على القتل على طويقة اذا قتل سبعة من هذا المذهب فيجب ان يقتل سبعة من ذاك المذهب، وكأن العراقيين شاحنة طابوق يملكونها لتشييد امجادهم وفوزهم في الانتخابات

انه اعلام الفضيحة، الذي يقوم على الفضيحة ويسعى اليها في لعبة التسلية السياسية الخطيرة التي تقدم الافيون للشعب على مدار ٢٤ ساعة بعيدا عن تقديم اية معرفة او ثقافة،انه اعلام الافيون الذي يستخدم الحديث عن الفساد افيونا لتخدير العراقيين بينما مثل هذا الاعلام هو احد مكائن تشغيل الفساد وادامته، كما ان مثل هذا الاعلام اخطر مساهم في ترويج الدين كافيون للشعوب واعادة تسويقه افيونا لتخدير العراقيين بعيدا عن جوهر الدين وروحانياته

سؤال مشروع هو : كم عراقي يعرف بلده من خلال افلام وبرامج وثائقية عن تاريخ العراق وشعب العراق وثقافة العراق وآثار العراق ومناخ العراق وحيوانات العراق وطيور العراق وصحة العراقيين وحال المستشفيات وحال المدارس واهتمامات الشباب وكم نسبتهم من مجموع العراقيين وما هي اهم هواياتهم ومستوى تعليمهم وماهي طموحاتهم وماهو حال نساء العراق وحال اطفال العراق؟ لا احد يشاهد ذلك ، والاخطر من كون الاعلام افيون الشعوب هو قيام الناس باعادة سقي الشعب هذا الافيون عن طريق اعادة ارسال هذا الافيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وواتساب والفايبر والايميل بحيث يغرق الشعب العراقي في تناول افيون زبائن وزبونات الفضائيات من دلالين ودلالات في مزاد مباشر من نشر الامية والفضائح وتسويق البضاعة الفاسدة التي اصبحت جزء حيويا من عالم الفساد في العراق ومن اعادة انتاج القبح العقلي الذي يسمعه ويشاهده العراقيون

انا لا اشاهد الفضائيات العربية والعراقية، ولكن مع الاسف لايبخل عدد من الاصدقاء بارسال كل هذه البضاعة الفاسدة وهذا الافيون لي ، حتى عبر الماسنجر ، الذي يفترض ان يكون خاصا وللاحاديث الخاصة بين الاصدقاء، فاصرف وقتا لمسحها، فامسحها مباشرة دون ان اراها لعدة اسباب
اولا : رغم تواضعي الجم فانا اسعى للاحتفاظ بعقلي ولا اسمح للاميين والجهلة والدلالين والدلالات بصناعة فكري ورأيي خاصة وانا اعتبر نفسي منذ عدة عقود من صناع الرأي العام عن طريق مقالاتي وشعري ومساهماتي الاعلامية
ثانيا، ان الفراغ الثقافي والمعرفي والفكري للسياسة والمجتمع تسده اليوم فئات جاهلة وغير مهنية تدير الاعلام كما يدار مزاد للبضائع المستعملة من كل الكتل السياسية فتصبح ( لنكات) لبسها من قبل اكثر من واحد، او كما تدار مقهى شعبية وحتى المقهى الشعبية تدار من قبل اصحابها بمسؤولية اكبر مهنيا واجتماعيا فلايسمحون فيها للتهريج وتبادل الانهامات
ثالثا، حين اخبرني رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عام ٢٠٠٧ انه وقع صك ميزانية قناة العراقية لذلك العام بمبلغ ٨٧ مليون دولار دهشت فاخبرته ان قناة العربية تأسست بمبلغ ٣٠٠ مليون دولار لمدة خمس سنوات، اي ٦٠ مليون دولار لكل سنة تشمل كل مكاتبها المهمة في واشنطون ونيويورك ولندن والقاهرة وبيروت وباريس وبروكسل وعواصم اخرى مع فريق من المراسلين والعاملين كما تشمل اشتراكها في كل وكالات الانباء العالمية والاقمار الصناعية وان مبلغ ٨٧ مليون دولار والذي اصبح ٩٤ مليون دولار عام ٢٠١٣ كما اخبرني المستشار الاعلامي للمالكي آنذاك علي الموسوي يكفي لانشاء قناة تنافس العربية والجزيرة واصدار صحيفة تنافس الشرق الاوسط والحياة ومجلة اسبوعية تكتسح كل المجلات الاسبوعية العربية ويمكن ان يتبقى من هذا المبلغ عدة ملايين، خاصة وان العراقية لاتدفع ايجار مبانيها ولاتدفع ضرائب ولا تأمين صحي ولاصريبة بلدية ولا اي نوع من الضرائب، ومنذ ذلك الوقت اعتبرت ان هدر المال العام في العراق يشمل الفساد في الاعلام سواء كان حكوميا او حزبيا طالما ان كل حزب وكل كتلة سياسية تملك فضائيتها في خرق واضح للدستور وحقوق الرأي العام والديمقراطية التي لاتوافق على الاعلام الحزبي، وان المبالغ المكومية التي تصرف ليسا الا مبالغ دعائية لدعم الحكومة ايا كانت سياستها
والمشكلة الاخطر ان عددا مرموقا من العاملين في هذه الفضائيات سرعان ما يحاصرون وتحجب افكارهم وخططهم للتطوير والاصلاح لسياسات الفضائيات ويجدون انفسهم مهمشين وتحت رحمة بقايا قنوات عدي صدام والانتهازيين والمطبلين للزعامات والقادرين على التملق والتسلق بشتى السبل والوسائل واصحاب القوائم السوداء لمنع هذا وتحجيم وتهميش ذاك

في العراق الان اكثر من تسعين فضائية بحيث ان بعض الاقضية لها فضائياتها الخاصة ناهيك عن المحافظات تزود ٣٠ مليون عراقي بالافيون الشدير على مدار اليوم ، اي ان ٣ فضائيات لكل مليون عراقي ، وهو عدد لايوجد في اي بلد من بلدان العالم وان فضائية لكل خمسة الاف كم واذا افترضنا ان ٣٠ مليون عراقي يكونون اقل من ثلاثة ملايين بيت وعائلة فان لكل مليون عائلة ٣٠ فضائية ولكن ان تتصورا كم يتناول العراقيون من الافيون الاعلامي.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة