Skip to main content

التداول السلمي للقضاء.. وتحية لشيخ القضاة العراقيين

مقالات الثلاثاء 17 كانون ثاني 2017 الساعة 17:10 مساءً (عدد المشاهدات 3066)

بقلم/محمد الرائد

لم يعرف العراق من قبل استكمالا وتداولا دستوريا للمهام كالذي حصل داخل المؤسسة القضائية قبل أيام، فالصورة كانت معبّرة، وتحمل معاني عديدة، حتى أن تصريحات الرئيس الجديد لمجلس القضاء الأعلى جاءت واضحة بأنها لن تمحو مسيرة قضائية مستقلة شهدت تطورات كبيرة وتحديات وهجمات من مختلف الجبهات، سياسية كانت أم غيرها، عبر الشاشات الفضائية أو عبر الجيوش الكترونية.

القاضي مدحت المحمود، شيخ القضاة العراقيين، أعلن مطلع الأسبوع الحالي عن تسليم الراية القضائية إلى خلفه القاضي فائق زيدان، ملتزماً بقانون أصدره ممثلو الشعب داخل قبة البرلمان.

المحمود، الذي قدم الكثير من التضحيات، وفي مقدمتها ولده الوحيد، أوفى بوعده، حين ابلغ الرأي العام في أكثر من مناسبة بأن بقاءه على رأس القضاء العراقي مستند إلى القانون، فأن تم تشريع قانون آخر سيلتزم به.

شيخ القضاة العراقيين، لم ينتظر حتى نفاذ القانون، وكان أول المهنئين لخلفه، القاضي زيدان، موجهاً رسالة انطوت على الكثير من المفاهيم التي يجب أن يدركها صانعو القرار في النظام السياسي الجديد الذي يفترض أن يكون مبنياً على الدستور واحترام التداول السلمي للسلطة.

أن القانون الصادر مؤخراً من مجلس النواب، ما زال غير نافذ، فهو ينتظر دوره في المصادقة والنشر في الجريدة الرسمية، وهو قانون مجلس القضاء الاعلى، وأن تولي القاضي زيدان لمهمته الجديدة رسمياً سيكون بعد النشر.

لكن الممتعضين من استقلالية القضاء العراقي، لا يروق لهم الاعتراف بأي إجراءات تلتزم بها السلطة القضائية الاتحادية، بل شنوا حملة مبكرة على القاضي فائق زيدان.

هذا دليل على أن القضية غير مرتبطة بالمحمود، بل إنها تطال العدالة في العراق؛ لأن الهجوم سيكون على أي شخص يتولى المنصب وفقاً للقانون وبعيداً عن التأثيرات.

القضاء العراقي، يكاد أن يكون المؤسسة الوحيدة التي يصل فيها الشخص إلى منصب من دون توافق سياسي أو محاصصة، أو دعم من كتل معينة، أو ميول طائفية.

تقع على كل منصف مسؤولية دعم القاضي فائق زيدان، كونه في بداية الطريق، أما التعرض اليه أو توجيه سهام النقد المبكرة دون دليل يؤكد بنحو واضح أن هناك قصدا وتعمدا بالإساءة إلى اهم المؤسسات الدستورية ومن ثم الإساءة إلى الدولة العراقية.

عند قراءة السيرة الذاتية لزيدان، نجد أن تولى المنصب بناءً على التدرج القضائي، فهو قاض من الصنف الاول، والوصول إلى الصنف الاول غير مرتبط بتزكية سياسية أو حزبية بل مرهون بمدد زمنية واختبارات علمية يترفع بموجبها القاضي من الصنف الرابع إلى الأول.

فائق زيدان، قاض منذ نحو عشرين عاماً، لم يمارس عمله بطريقة "الدمج"، كما أنه لم يستفد من بدعة "خدمة جهادية" أسوة بالكثير من مسؤولي الدولة العراقية، وعمل في عدد من المحاكم العراقية، ومن ثم اصبح عضواً في محكمة التمييز وفقاً للسياقات الدستورية، ومن ثم نائباً لرئيس المحكمة بترشيح وتصويت اعضائها.

زيدان، حصل على ثقة ممثلي الشعب في مجلس النواب كرئيس لمحكمة التمييز الاتحادية بعد ترشيحه من قبل مجلس القضاء الأعلى.

أما وجوده على رأس القضاء العراقي فقد حصل بموجب قانون منح رئيس محكمة التمييز رئاسة مجلس القضاء الاعلى، بعد أن كانت في السابق لرئيس المحكمة الاتحادية العليا.

هذا التدرج القضائي، يعكس الخبرة التي يمتلكها هذا الشخص، كونه وصل إلى المنصب الحالي باستحقاق وظيفي ومهني.

نستطيع القول بأن القضاء العراقي في أياد أمينة، فبعد أن حافظ على استقلاليته القاضي المحمود طوال السنوات الماضية مبتعداً عن التأثيرات، متحدياً النفوذ السياسي في جميع مؤسسات الدولة، نجد أن القاضي زيدان لديه من الإمكانيات ما يؤهله على استكمال مسيرة نظام العدالة في العراق.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة