Skip to main content

الازهر ومسرحية الحسين ثائرا والحسين شهيدا...شيء من التأريخ وأشياء من الحاضر؟

مقالات السبت 28 تشرين ثاني 2015 الساعة 04:55 صباحاً (عدد المشاهدات 5919)

 

أَسِفوا عَلى أَن لا يَكونوا شارَكوا      فـي قَتلِــهِ فَتَـتَـبَـعـوهُ رَمـيـمــا

بقلم:سمير الربيعي.

قيل عنه لو لم يكتب إلا رواية  " ."الحسين ثائراً، والحسين شهيداً" مسرحية  " لكفته اسماً لامعاً في سماء الأدب العربي، إنه ذلك المفكر الإسلامى والمثقف اليساري والشاعر والأديب والروائي والصحفي عبد الرحمن الشرقاوي ،تلك المسرحية والتي تعد من المسرحيات أو الروايات ممنوعة التقديم على خشبة المسرح المصرى ومجرد التفكير أو التلميح بتقديمها من قبل صناع المسرح تجد فتاوى المنع والمصادرة كالأمطار تندلع من شيوخ الأزهر لتمنع وتحرم وتصادر الأفكار قبل ولادتها. والتي تروي لقارئ هذا العصر ولمشاهد المسرح أروع بطولة عرفها التاريخ الإنساني كله، وهي بطولة الحسين الثائر وذلك بأسلوب روائي مسرحي.غاية في الروعة لان للحسين جاذبية أرضية وسماوية في وقت واحد تجذب الكثير من الناس على أختلاف معادنهم وأديانهم ومذاهبهم ومللهم ،وكل من عرف الأمام الحسين معرفة حقيقة يحس أن هناك شيء يجذبه أليه ويأخذ بقلبه ، ويشعر أن قوى غيبية تسحبه سحباً وترغمه على حبه أرغاماً، فينعكس ذلك على حياته وسلوكه ،وذلك ما حصل مع اديبنا الكبير.فقد نشأ الحب الكبير منذ  کتابه "علي إمام المتقين"، الذي أهداه إلی أخيه الدکتورعبد الغفّارقائلا«إنهّا صفحات عن إنسان عظيم تعوّدنا أن نحبّه منذ الصغر وحفظنا عنه کلماته الجميلة ما زالت قلوبنا ..تخفق بحبه لا لأنّ آبائنا علّمونا أنّنا من ذرّية ابنه الحسين فحسب ولکن حين تعرّفنا عليه أکبرنا فيه تلک الفضائل الرائعة التي تجعل الإنسان قادراً علی أن يدافع عن الحق والحرّية والعدل مهما تکن صولة الباطل.»وفي ملحمته عن الامام الحسين جاء اهدئه هذه المرة لامه.

.«إلى ذكرى أمى أهدى مسرحيتى (الحسين ثائراً) و(الحسين شهيداً) لقد حاولت من خلالهما أن أقدم للقارئ والمشاهد المسرحى أروع بطولة عرفها التاريخ الإنسانى كله دون أن أتورط فى تسجيل التاريخ بشخوصه وتفاصيله التى لا أملك أن أقطع فيها بيقين» فقد اقتفى الشرقاوي أثر أمه منذ الطفولة وسمع دعائها وتوسلها عند مسجد الحسين ( عليه السلام ) ومسجد السيدة زينب ( عليها السلام ) في القاهرة فنمت مشاعره بهذا الاتجاه وبدأ بحثا مضنيا عندما شب وترعرع وبوعيه الثقافي تتبع شخصية الإمام الحسين ( عليه السلام ) فاستجمع تاريخه على يدي سنين حياته فعاش الحسين ( عليه السلام ) في وجدانه وكيانه وأصبح عنده رمزا عاليا لا تماثله أي شخصية نضالية في العالم . بهذا بالإهداء

 بدأ الشرقاوى روايته التى تدور حول الأزمة التى فجرها معاوية بن أبى سفيان الذى قرر -قبل وفاته- البيعة لابنه يزيد ضد رغبة جموع المسلمين.

نظرة تاريخية..

تسلم يزيد قيادة الدولة الإسلامية بعد هلاك أبيه وبإجماع المؤرخين انه لم تتوفر فيه أية صفه كريمة أو نزعة شريفة فقد خلد إلى اللهو وشرب الخمر والقنص وغير ذلك من الأعمال التي يقترفها سفلة المجتمع الذين لا يرجون لله وقارا وقد ابتدأ حكومته بإشاعة الظلم ونشر الجور والفساد في الأرض رفض الإمام الحسين (عليه السلام ) بيعة يزيد رسميا في أروقة الحكم الأموي وذلك حينما استدعاه حاكم المدينة الوليد ابن عقبة في غلس الليل وفهم الإمام ما أراد منه فاستدعى أهل بيته  وامرهم بمصاحبته ليقوموا بحمايته وقال لهم إذا سمعتم صوتي علا فادخلوا عليَّ بجمعكم وسار الإمام فصحبته الفتية فدخل على الوليد ولما استقر به المجلس نعى إليه معاوية فاسترجع الإمام الحسين (عليه السلام) وقال له :

•-         (لماذا دعوتني ) ؟

•-         (دعوتك للبيعة ) .

واستمهله الإمام حتى الصبح ليجتمع الناس وقد أراد بذلك أن يعلن إمام الجماهير رفضه الكامل لبيعة يزيد وخلع طاعته وكان في المجلس مروان ابن الحكم الذي هو من أعمدة الباطل فأندفع لإشعال نار الفتنة فصاح بالوليد :

(لان فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينك وبينه احبسه فان بايع وإلا ضربت عنقه ...)

ووثب أبو الامام  في وجه الخبيث الدنس مروان فقال له :(يابن الزرقاء أأنت تقتلني أم كذبت والله ولؤمت )

ثم التفت أبو الأحرار إلى الوليد فأعلن رفضه لبيعة يزيد وعدم استجابته قائلا :

(أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة بنا فتح الله وبنا ختم يزيد رجل فاسق شارب الخمر وقاتل النفس المحرمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة ...)

ولم  يتخذ الوليد مع الإمام أي إجراء وإنما قابله بالتكريم فخرج الإمام منه واستاء منه مروان ووجه له لوما وعتابا قائلا :

( عصيتني لا والله لا يمكنك مثلها من نفسه أبدا )ورد عليه الوليد ببالغ الحجة قائلا :

(ويحك يا مروان أشرت علي بذهاب ديني ودنياي والله ما أحب أن املك الدنيا بأسرها واني قتلت حسينا سبحان الله أأقتل حسينا أن قال : لا أبايع والله ما أظن أن أحدا يلقى الله بدم الحسين إلا وهو خفيف الميزان ولا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب اليم .) وسخر منه مروان وراح يقول بسخرية :(إذا كان هذا رأيك فقد أصبت )  (تاريخ الطبري)

على الرغم من اعتماد الشرقاوي في مسرحيته هذه على مرجعية تاريخية لأحداث واقعة الطف وحسب تسلسل تفاصيل أحداثها وعلاقة ذلك بمكان وزمان الحدث , وتأثير ذلك الحدث على أفعال الشخصيات بحسب موقعها في طرفي الصراع 

بعد ذلك يتوقف النص عند موقف تاريخي مهم له مكانته الخاصة في نفوس المسلمين , وهو لحظة وداع الرسول الكريم محمد ( ص ) , وبذلك يكون الشرقاوي قد ألمح إلى الانطلاقة الأولى والقاعدة الأساس للثورة الحسينية المباركة التي رصنت بنيان الدين الإسلامي وأسهمت في بقائه الأزلي . 

لقد اهتم الشرقاوي في بداية مسرحيته بمشهد أساس يجمع بين ( محمد بن الحنفية والإمام الحسين عليهما السلام ) , لأهمية ما يتميز به هذا الموقف التاريخي من أبعاد إيمانية ومبادئ ثابتة كشفت عن معاني الأخوة وتقديم النصيحة والأخذ بالمشورة على وفق المبادى الإسلامية نفسها . فضلا عن ذلك أن هذا الموقف هو البداية التي انطلق منها الحسين ( ع ) متوجها نحو الواقعة . 

أما ما يتعلق بأسماء الشخصيات ، فلقد اعتمد الكاتب الأسماء التاريخية الصريحة وألقابها المعروفة فنجد الشخصيات مثل ( حبيب بن مظاهر , وزهير بن القين , ونافع , وابن عوسجة , وسكينة , وزين العابدين , والمختار الثقفي ) وغيرهم , بالإضافة إلى اهتمام الكاتب بالمكان والزمان في كل مشهد من مشاهد المسرحية , ففي المنظر الأول من الفصل الأول نراه يثبت الأتي : " بادية بجنوب العراق على مقربة من كربلاء تتناثر فيها التلال .. الحسين ورجاله وفتيانه يتفرقون في المكان على المرتفعات والمنخفضات .. سعيد يقف على أعلى المرتفعات وهو يتأمل الأفق البعيد تحت الشمس المتوهجة التي تغمر المكان كله "

واود التنويه إلى ما ذكره ( محمد جواد مغنية ) في كتابه الموسوم ( الحسين وبطلة كربلاء ) عن مسرحية الشرقاوي هذه عندما قدمت لأول مرة وبخطوة جريئة على المسرح القومي المصري ومن إخراج ( كرم مطاوع ) عام 1972 م , وبعد الموافقات الرسمية للمسرحية من قبل علماء الأزهر واستشارتهم عن الطريقة التي سوف تظهر بها شخصيتا ( الحسين و زينب عليهما السلام ) بمثابة رواة لما تقوله الشخصية , ولكن وبعد إكمال العمل وصرف المبالغ فوجئ الجميع بان الأزهر له وجهة نظر أخرى فيما يخص الجمع بين الجزأين للمسرحية , وتبدو هذه حجة لا أكثر الغرض منها منع عرض المسرحية في حينها بعد أن اكتملت في شكلها النهائي الجاهز للعرض والذي شاهده حينها عدد من المسرحيين والنقاد , ومنهم الكاتب أمير اسكندر الذي كتب عن هذه التفصيلات في مقالة له بعنوان ( ثار الله ) والمنشورة في جريدة الجمهورية المصرية في 18 / 2 / 1972م , كل هذا إنما يؤكد محاربة الرقيب لاستثمار الواقعة في مجالات إعلامية وفنية إبداعية بدأت منذ فترة ليست بالقصيرة ومن قبل بعض السلطات العربية التي لا تريد الاعتراف بجورها وظلمها إزاء شعوبها , ولذلك فهي تخاف الاقتراب من قضية الإمام الحسين ( ع ) أو التعرض لذكر واقعته في أي محفل إعلامي أو فني يمثـلها أو يرزح تحت تسلطها .

وكتب الاستاذ حسين الهلالي مقالة في الحوار المتمدن اسماها مأساة الحسين في المسرح العربي جاء فيها...

لقد اكتسبت المسرحية شخصيتها اللغوية والبيئية وميزتها عن ألوان الأدب المسرحي المتأثر بتيارات الغرب والشعر الملحمي الإغريقي وتمكن الشاعر عبد الرحمن الشرقاوي أن ينطلق ويحلق بالكلمة البلاغية نحو الإبداع والسمو المشحون بالعاطفة لأنه يمتلك القدرة على التصوير وبتفاعل مع الأحداث باندماج كلي يعينه بذلك فهمه الثقافي وثروته اللفظية من اللغة التي يمتلكها ، أنه عالج موضوعا تاريخيا شغل بال كل الإسلاميين الأحرار الذين اتخذوه طريقا للخلاص على مر الأجيال ، كذلك تأثر به غير المسلمين من طالبي الحرية في العالم ، لقد رسم الخصوصيات من خلال تشابك واضطراب حاضرنا الذي ساده الظلم والاضطهاد والقمع .

وقد استهوت المسرحية بأجزائها الكثير من المخرجين بأن تقدم على المسرح المصري وكان أبرز هؤلاء المخرجين المخرج المرحوم كرم مطاوع الذي جند نفسه لإخراجها مع نخبة من ألمع نجوم المسرح المصري آنذاك مثل عبد الله غيث وسميحة أيوب .والكتابة عن فنان كبير مثل كرم مطاوع بها قدر من الصعوبة، لأنه كان فناناً متعدد المواهب، فهل نتحدث عنه كأحد أهم مخرجى المسرح فى الستينات والسبعينات، أو كأستاذ أكاديمى متمكن تخرج على يديه العديد من الفنانين، أم ممثلاً مبدعاً قدم عشرات الأعمال السينمائية والتلفزيونية التى لا تنسى، فقد كان موهبة متفردة استطاع أن يترك بصمة فى تاريخ الفن المصرى. .لا يمكن الحديث عن المسرح فى حياة كرم مطاوع دون أن نذكر مسرحية "ثأر الله" أحد أحلام كرم مطاوع التى لم يستطع تحقيقها، حيث كتبها عبد الرحمن الشرقاوى بجزأيها " الحسين ثائراً " و" الحسين شهيداً " عام 1969، وفى عام 1972 اتفق معه كرم مطاوع على تحويلها لعمل مسرحى، وبدأوا بالفعل فى عمل البروفات، ولكن حدثت أزمة كبيرة مع الأزهر نتيجة لاعتراضه على تجسيد الشخصيات التى تنتمى لآل البيت ضمن أحداث المسرحية، فتم الاتفاق على حل وسط، وهو أن يبدأ الفنان عبد الله غيث الذى يجسد شخصية الإمام الحسين كلامه بعبارة "قال الحسين"، وأن تفعل أمينة رزق التى كانت تجسد شخصية السيدة زينب ذلك أيضاً، 

 وقام كرم مطاوع بدعوة عدد من الصحفيين والكتاب والمبدعين لمشاهدة البروفة مع المسئولين على الرقابة على المصنفات الفنية، وعدد من علماء الأزهر. .لكن  مشيخة الازهر كانت غير متحمسه لأي عمل لعبد الرحمن الشرقاوي؛ خصوصاً بعد معركته الشهيرة مع شيخه الإمام الجليل الدكتور عبد الحليم محمود، وهى المعركة التي بدأت حين كتب شيخ الأزهر مقالة فى آخر ساعة قال فيها "ومما يستلفت النظر أن العشرة المبشرين بالجنة كلهم من الأغنياء". فرد عليه الشرقاوي الذى كان مسكوناً بالدفاع عن الفقراء وحقوقهم، بمقالة شهيرة عنوانها " لا يا صاحب الفضيلة " مضمونها أن الأغنياء لا يشترون الجنة بأموالهم وأن تاريخ الإسلام زاخر بفقراء لم يمنعهم فقرهم من العمل والتقرب إلى الله. ورغم العمر القصير للمعركة التي انتهت قبل وفاة الدكتور عبد الحليم محمود بعد نحو شهرين من المقال، إلا أن عدداً من تلاميذ الشيخ والنافذين داخل مؤسسة الأزهر ظلوا حانقين على الشرقاوي ويعتبرونه شيوعياً يستخدم الدين ستاراً للترويج لأفكاره اليسارية. وبسبب هذا الموقف عارضوا ترشيحه لجائزة الملك فيصل. وفى عام 1987 ذاب الجليد بين الشرقاوي والأزهر بعد أن تولى أحد كبار علمائه وهو الدكتور عبد المنعم النمر الدفاع عن آراء الشرقاوي -باعتباره باحثاً محترماً ومجدداً أثرى المكتبة الإسلامية بمؤلفات هامة منها أئمة الفقه التسعة- وتحمس للمسرحية. والفعل عُرضت المسرحية مرة أخرى على الرقابة التي أحالتها للجنة من علماء الأزهر فأبدوا 4 تحفظات رئيسية؛ أولها ظهور الحسين، وثانيها ظهور السيدة زينب وتم التحايل على التحفظين بأن يتحدث الممثلون بصيغة المفرد الغائب أي يبدأ عبد الله غيث -الذى لعب دور الحسين- بقوله «يقول الحسين....». وكذلك فعلت أمينة رزق التي لعبت دور السيدة زينب. أما التحفظ الثالث فكان حذف الأبيات التي تسب آل معاوية باعتباره صحابياً وأخيراً تغيير اسم "ثأر الله "، فاستقر الشرقاوي على "الحسين ثائراً " عنواناً لجزئي المسرحية بعد دمجهما وتمت إجازة المسرحية. وقرر وزير الثقافة -الدكتور أحمد هيكل وقتها- تحقيق حلم الشرقاوي فى أن يرى الحسين على المسرح. لكن عجز المسرح القومي ثم المسرح الحديث عن تمويل العمل، ثم مات الشرقاوي فى 10 نوفمبر ومعه توقفت المسرحية مرة أخرى لأجل غير مسمى، فلم يكن هناك من يتحمس كثيراً لها لاعتبارات كثيرة؛ منها أن فاروق حسنى، الذى جاء وزيراً للثقافة بعد هيكل، لم يكن على وفاق مع الشرقاوي الذى هاجمه واعتبره أقل من أن يكون وزيراً لثقافة مصر ثم إن مضمون المسرحية مرة أخرى لم يكن موضع ترحيب نظام مبارك الذى لن يقبل بما رفضه السادات الأوسع صدراً والأكثر فهماً ، ورحل الشرقاوي في 10 نوفمبر سنة 1987 .

صدر مؤخراعن المجلس الأعلي للثقافة كتاب "عبد الرحمن الشرقاوي‏ :‏ "الدلالة والشهادة "من تأليف الناقد الدكتور مصطفي عبد الغني . الكتاب يتناول حياة الأديب الراحل‏ ، وهويقع في جزءين‏‏الكتاب يقع في 338 ‏صفحة ، وقد خصص فصلا كاملا في الجزء الثاني من الكتاب لمسرحية "الحسين ثائرا ـ الحسين شهيدا " والتي جاءت تحت عنوان "الحسين وقضيته"، والتي ناقش فيها المؤلف‏‏ الضجة الشديدة التي دارت حولها‏‏ في فترة السبعينيات ، داخل أروقة "الأزهر" وبين السنة والشيعة بالعالم الإسلامي ، معتمدا في ذلك علي حواره مع "الشرقاوي" الذي كشف انه كتب هذه المسرحية خلال فترة منعه من الكتابة في الصحافة‏ ، وأنه قبل عرض مسرحية "الحسين" بيومين جاء من السعودية الشيخ "محمد حسنين مخلوف" مندوبا من رابطة العالم الإسلامي مطالباُ بمنع عرض هذه المسرحية ‏.‏ وعلى الرغم من أن المسرحية كانت عملاً رائعاً تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً بشهادة كل من شاهد العرض الخاص، إلا أن الأزهر لم يسحب اعتراضه، فلم تعرض المسرحية ولم تسجل، ورغم محاولات كرم مطاوع بعد ذلك لعرضها، إلا أن محاولاته لم تنجح. 

ودخل الاستاذ جلال الشرقاوي في سجل الساعين لاخراج المسرحية .

كتبت  منصورة عز الدين ، المحررة بأخبار الأدب هذا التحقيق حول رفض الأزهر لعرض مسرحية "الحسين شهيداً" ، ونظراً لأهميته أعرضه هنا كما هو من دون تعقيب ..

من جديد عادت أزمة مسرحية \'الحسين شهيدا\' إلي الظهور.

حيث يبدو أن هذه المسرحية التي كتبها عبدالرحمن الشرقاوي لن تصل أبدا إلي مرحلة التجسيد علي خشبة المسرح وإن اختلفت أسباب ذلك من فترة إلي أخري.

فمنذ أيام أعلن المخرج جلال الشرقاوي أن الأزهر أبلغه رفضه تقديم المسرحية. وكان الشرقاوي قد تقدم بطلب لشيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي في 24 أغسطس 2000 يخبره فيه برغبته في دمج مسرحيتي \'الحسين ثائرا\' و\'الحسين شهيدا\' في مسرحية واحدة مكثفة وتفاديا لرأي شيوخ الفقه الخاص بتحريم تجسيد شخصيات آل البيت النبوي أخبر الشرقاوي شيخ الأزهر أنه سيقدم راوي سيدنا الحسين بدلا من شخصية الحسين وسيقدم رواية السيدة زينب بدلا من شخصية السيدة زينب. وعن هذا يقول جلال الشرقاوي: \'تفضل فضيلة الامام الأكبر وحول الموضوع إلي مجمع البحوث الإسلامية الذي يضم الأساتذة والدكاترة الأجلاء المتخصصين في علوم الدين بوجه عام وأبدي بعضهم عدة اعتراضات منها أن هذه المسرحية من الممكن أن تحدث فتنة بين الشيعة والسنة ومنها أن في المسرحية تحريضا للشعب ضد الحكم الشرعي للبلاد!! عندما بلغتني هذه الاعتراضات طلبت من الامام الأكبر أن يسمح لي بحضور إحدي جلسات المجمع لمناقشة أسباب الرفض وقد تفضل سيادته بالموافقة. وفي هذه الجلسة تمت مناقشة كثير من الاعتراضات. وبدا لي أن هناك من أعضاء المجمع من يعترض اعتراضا شاملا وهناك من يوافق بتحفظات كان من السهل جدا مراعاتها عند تقديم المسرحية.

واستقر الرأي علي أن أقدم أولا النص الذي أدمج فيه المسرحيتين لأعضاء المجمع. وبالفعل قمت بهذا وكان أملي كبيرا في موافقة المجمع لكن للأسف الشديد فوجئت بالرفض\'.

 لكن هل رفض الأزهر مسرحية \' ثأر الله\' التي كان سيخرجها الفنان كرم مطاوع عن مسرحيتي \'الحسين ثائرا\' و \'الحسين شهيدا\' لأسباب دينية كما يري جلال الشرقاوي؟

الإجابة تأتي علي لسان عبدالرحمن الشرقاوي نفسه في جريدة الأخبار بتاريخ 29/8/1986 حيث يقول \'أما عن أسباب منع عرض مسرحيتي \'ثأر الله\' فلا علاقة لها بفتوي الأزهر الخاصة بحظر ظهور شخصية الإمام الحسين علي المسرح فقد اتفقنا وقتها مع الأزهر علي أن يقول عبدالله غيث الذي يقوم بدور الحسين. قال الحسين ولكن الأزهر عاد واعترض علي المسرحية لأسباب لانعلمها\'.

أي أن عبدالله غيث كان سيقوم بدور راوي شخصية سيدنا الحسين وليس سيدنا الحسين ذاته.

وكان كرم مطاوع قد قطع شوطا كبيرا في طريقه لتقديم مسرحية ثأر الله، في أوائل السبعينيات حيث ظلت المسرحية تعرض علي امتداد ثلاثين ليلة عرض بحجة أنها برو÷ات نهائية للعرض في انتظار السماح لها بالظهور لكن الأزهر رفض ومنع عرض المسرحية ليلة افتتاحها.

وفي الاحتفال بذكري الأربعين لرحيل كرم مطاوع في يناير 1997 قدمت أمينة رزق فاصلا من المسرحية.

أخبرني المخرج جلال الشرقاوي أن د. عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر كان علي رأس المعارضين لتقديم المسرحية فاتصلت بدكتور بيومي وسألته: ما الأسباب الحقيقية لرفض مسرحية \'الحسين\'؟

اسألي المجمع.

لكنك كنت أحد أعضاء اللجنة التي رفضت عرض المسرحية؟

جلال الشرقاوي التقي بالمجمع كله. لم تكن هناك لجنة. الشيخ أعطي نص المسرحية للبعض لكن لم أكن منهم.

جلال الشرقاوي أخبرني أنك كنت من أشد المعارضين فما أسباب أعتراضك؟

في النظر لهذا الموضوع كنت كذلك لكن المهم في النهاية هورأي المجمع. ففي حالة رفضي وموافقة باقي أعضاء المجمع كانت المسرحية ستعرض. فالمجمع مثلا رفض رأيي في موضوع الأم الحاضنة.

د. محمد عمارة الكاتب الإسلامي وعضو مجمع البحوث الاسلامية اعترض في بداية كلامي معه علي الخبر المنشور بأخبار الأدب الاسبوع الماضي والخاص برفض الأزهر لتقديم المسرحية بقوله: \'أولا أنا قرأت في أخبار الأدب كلاما غير صحيح عن موقف مجمع البحوث الاسلامية من مسرحية الحسين للمرحوم عبدالرحمن الشرقاوي وحقيقة موقف المجمع أنه استقبل الأستاذ جلال الشرقاوي وسمع وجهة نظره ثم قام بفحص المسرحية ولم يتخذ قرارا برفض تمثيلها وإنما أرسل خطابا مهذبا ووديا إلي الاستاذ جلال الشرقاوي يحمل وجهة نظر المجمع التي تتمثل في تحبيذ تأجيل تمثيل المسرحية لأنها تعيد الخلافات بين السنة والشيعة مرة أخري وتنفخ في الخلاف المذهبي بين مذاهب وطوائف الأمة في ظرف تاريخي نحن أحوج ما نكون فيه إلي تضامن الأمة ووحدتها في مواجهة التحديات الشرسة التي تواجه العرب والمسلمين\'.

ويضيف د. عمارة \'هذا عن حقيقة موقف مجمع البحوث الإسلامية. واذا كان لي من تعليق فأنا أقول هل في مثل هذا الظرف الذي نمر به يمكن السماح بنشر أو تمثيل أعمال فنية أو حتي سياسية تنفخ في الخلافات بين مصر وفلسطين مثلا أو مصر والعراق مثلا أو بين المسلمين والأقباط في مصر مثلا. أتصور أن المواءمة السياسية تستدعي تأجيل نشر أي عمل فني مهما كانت قيمته ومهما كانت ايجابياته إذا كان يمزق الأمة في ظروف حرجة نحن أحوج ما نكون فيها للتضامن والوحدة\'.

انتهي كلام د. محمد عمارة الذي ينفي فيه رفض الأزهر لعرض المسرحية وإن كان الخطاب الذي أرسله مجمع البحوث الإسلامية ينص علي \'ونظرا للظروف الحالية التي تمر بها الأمة العربية والشعوب الإسلامية فإن الأمر يستدعي حرصكم وحرص مجمع البحوث الإسلامية علي وحدة الكلمة، وتوحيد الصف، واجتماع الشمل في مواجهة التحديات والمشكلات.. ولما كان ظهور مثل هذه المسرحية في ذلك الوقت لايخدم وضع الأمة الحالي، ولما كان يفرق أكثر مما يجمع في فإن مجمع البحوث الإسلامية بعد الدراسة المتأنية يري صرف النظر عن هذه المسرحية وأمثالها وخاصة في ظروفنا القائمة، لأن ظهورها سيؤدي إلي فتن الأمة الأسلامية في غني عنها\'.

إذا سلمنا بأن الصيغة السابقة لاتعني رفض مجمع البحوث لتقديم المسرحية فهل يعني هذا أن جلال الشرقاوي يمكنه تقديم المسرحية فعلا دون اعتراض الأزهر؟ لكن تبقي نقطة رئيسية هي أن اعتراض مجمع البحوث يرجع لأسباب سياسية لا أسباب دينية وهو أمر مثير للدهشة بالنظر إلي أن الأزهر عادة ما يفصل في الأمور الدينية فقط

ويدخل الفنان الراحل نور الشريف حاملا وحالما بتسجيد النص .ظل حلمه الأهم .. تقديم "الحسين شهيدًا" بل حتى في أيامه الأخيرة لم يمل من الحديث عنه، قال إنه سيظل حتى آخر لحظة في عمره يحلم به ومن المؤكد أنه برحيله ستموت الفكرة التي ظل سنوات طويلة يحلم بها .

يُعد الفنان أحمد ماهر واحداً من أهم الفنانين عبر أجيال مختلفة، ومن الذين استطاعوا تجسيد العديد من الشخصيات الإسلامية ببراعة متناهية فى عدد كبير من المسلسلات الدينية والتاريخية، وساعدته كثيراً فى هذه المهمة ثقافته الواسعة وقدراته الجسمانية والصوتية والشكلي والذي صرح لجريدة الوطن الكويتية بقوله الأزهــــــر حــــــرمنـي من «الحسين»

تقول المستشرقة السوفيتية تمارا الكساندروفنا في كتابها (ألف عام وعام على المسرح العربي) وبعد إطلاعها على الأحداث الملازمة لقضية الحسين (عليه السلام) ـ ما قبل وما بعد ــ بوصفها مادة مشبعة بالدراما الحقيقية والتراجيديا، تقول: " ولا يتبقى لنا في النتيجة إلا أن ناسف لعدم ولادة شكسبير عربي كان باستطاعته تجسيد طباع أبطاله وسلوكهم في الشكل الفني للتراجيديا الدموية. إن في هذه المادة من المؤامرات والقسوة والتعسف والشر ما لا يقل عما كانت عليه في مواضيع عصر حروب الوردة الحمراء والوردة البيضاء لكن على الرغم من عدم توفر الأساس الأدبي المتين، فقد أدى مصير الحسين المأساوي وأدت معركة كربلاء إلى ولادة (التعزية) التي تعتبر من أقدم العروض المسرحية في العالم الإسلامي. "

وعلى الرغم مما تقدم في رأي الكساندروفنا وطموحها في ظهور نص مسرحي عربي عن واقعة ألطف، يأخذ شهرته الدرامية مثلما أخذت نصوص شكسبير مكانتها الأدبية،

------------------------------------------------------------------------------------- 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة