Skip to main content

مسؤول سابق بالمخابرات الأمريكية يتوقع فشل صفقة القرن

تقاريـر الثلاثاء 11 حزيران 2019 الساعة 18:52 مساءً (عدد المشاهدات 2234)

بغداد  /  سكاي برس

اعتبر المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) "إميل نخلة" أن سياسة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الحالية في الشرق الأوسط فاشلة ولا تجدي نفعا على مستويات عدة.

وقال "نخلة" في مقال نشره بموقع "لوب لوج" الأمريكي، إنه وفي ضوء التصريحات العربية والإسلامية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة حول مستقبل التقارب الفلسطيني الإسرائيلي، ستصبح صفقة القرن التي يخطط "جاريد كوشنر" للكشف عنها في ورشة البحرين المزعومة في نهاية يونيو/حزيران، في "خبر كان" حال الإعلان عنها.

وأضاف أن القادة العرب والمسلمون والفلسطينيون أشاروا بالفعل إلى رفضهم النهج الأمريكي، قائلين إن الدعم الاقتصادي مرحب به ولكن حقوق الدولة لا يمكن التغاضي عنها.

وحتى فيما يتعلق بإيران، لم يعد الزعماء الإقليميون متأكدين أو على بينة من الموقف الحقيقي لإدارة "ترامب"، مع أن السعوديين كانوا قادرين على الخروج ببيان عربي وخليجي وإسلامي قوي ضد إيران في القمم الثلاث الأخيرة، إذ كان القادة السعوديون والإماراتيون، إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، يطالبون بالحرب، التي يفترض أن يقودها الأمريكيون، على حد قوله.

وأضاف "نخلة" أنه بحسب التصريحات الأخيرة، بدا أن الإدارة تتراجع عن طريق اندفاعها نحو الحرب، ووفقا لـ"ترامب"، أصبح تغيير النظام خارج النقاش، وتراجعت الإدارة أيضا عن الشروط القاسية المُبالغ فيها التي وضعها وزير الخارجية "مايك بوميبو" في وقت سابق كضرورة لإجراء محادثات مع إيران، إذ قال: "مستعدون للدخول في محادثة دون شروط مسبقة، ومستعدون للجلوس والتفاوض".

واعتبر المسؤول الأمريكي أن مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" السياسي هو الركيزة المتقلقلة الأخرى التي يقوم عليها صرح "ترامب" السياسي في الشرق الأوسط، وأدى فشل "نتنياهو" في تشكيل حكومة، وانتخابات مبكرة من المُقرر إجراؤها في الخريف، ومشاكله القانونية، التي تلوح معها إدانته بتهمة الفساد، أضعفا موقفه، وألقيا بظلال الشك على العملية برمتها.

فشل مع إيران

ويستند عداء "ترامب" الانفعالي تجاه إيران وتصميمه على إخضاع النظام الديني على 3 ركائز، كما يقول "نخلة"، وهي: الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، خاصة في قطاع النفط وتشكيل تحالف عربي إسلامي إسرائيلي مع التركيز على احتواء موقف إيران الإقليمي وأنشطتها، لكن سرعان ما تبين أن عداء "ترامب" كان عابرا.

ولم يرضخ النظام الإيراني، وعارض المشاركون الآخرون في الصفقة -الأعضاء الأربعة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا- تقويض الاتفاق النووي وحثوا إدارة "ترامب" على تسوية خلافات أمريكا مع إيران سلميا، ويحسب لإيران أنها استمرت إلى حد كبير في الالتزام بالمتطلبات الرئيسية للاتفاق النووي.

واستمرت دول أخرى في التعامل التجاري مع إيران، بالرغم من أن العقوبات الاقتصادية القاسية قد وجهت ضربة قاصمة للاقتصاد الإيراني بما في ذلك شراء نفطها.

ووحد تهديد الشعب الإيراني المتمثل في تغيير النظام على أيدي الولايات المتحدة، والنظامين الديكتاتوريين اللذين يحكمان السعودية والإمارات والحكومة الإسرائيلية اليمينية، هذا الشعب دفاعا عن دولته التي تتمتع بالسيادة الوطنية.

وكانت إدارة "ترامب" ببيعها كميات غير مسبوقة من الأسلحة المتطورة إلى السعودية والإمارات على الرغم من معارضة بعض أعضاء الكونغرس، تأمل في أن يُجبر هذان النظامان المدججان بالسلاح إيران على إنهاء دعمها لـ"الحوثيين" في اليمن والاستسلام.

لكن الحرب استمرت دون انقطاع، وأصبحت الأسلحة التي زودت بها الولايات المتحدة الرياض وأبوظبي تُستخدم لقتل المزيد من المدنيين في اليمن.

ودون الاعتراف علنا بفشل دبلوماسية التهديد ضد إيران، يبدو أن إدارة "ترامب" تبحث عن مسار آخر لا يهدد بتغيير النظام، لكنه يتضمن مفاوضات دون شروط مسبقة.

التقدير الخاطئ بالشأن الإسرائيلي الفلسطيني

وبالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي مؤخرا بأن "ترامب" هو الرئيس الأمريكي الأكثر دعما لدولة (إسرائيل)، وكان "نتنياهو" يقصد في الحقيقة أن "ترامب" أكبر مؤيد للسياسات اليمينية المتطرفة المؤيدة للاحتلال والمعادية للفلسطينيين التي يتبعها رئيس الوزراء الحالي.

وأعلن "ترامب" رغم معارضة معظم الخبراء الإقليميين والدبلوماسيين السابقين ورغم قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، ونَقَل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ووافق على "شرعية" سيطرة (إسرائيل) على هضبة الجولان.

ولم تعد وزارة الخارجية بإدارة "بومبيو"، تستخدم لفظ "الأراضي المحتلة" لوصف الأراضي الفلسطينية التي تحتلها (إسرائيل) في الضفة الغربية.

وعلاوة على ذلك، أغلقت إدارة "ترامب" مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وخفضت مساهماتها في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والتي توفر الإغاثة والتنمية للفلسطينيين.

وأذعن "ترامب" لاستمرار إحكام (إسرائيل) قبضتها الاقتصادية على غزة واحتجاز معظم الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية في رام الله.

وخوّل الرئيس مستشاره وصهره "جاريد كوشنر" لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقالت تقارير إن الخطة المزعومة -ما يسمى بصفقة القرن- ترتكز على المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين ولكن تحرمهم حقهم في تقرير مصيرهم كمجتمع سياسي.

ولسوء الحظ، فإن "كوشنر" هو أقل المؤهلين لدور الوسيط النزيه مع الفلسطينيين، كما يقول "نخلة".

إذ إنه دعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ولا يؤمن بحق الفلسطينيين أو قدرتهم على حكم أنفسهم في دولة خاصة بهم إلى جانب (إسرائيل).

ويعتقد "كوشنر" أن طريق السلام مع الفلسطينيين يمر من خلال ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، ووليّ عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، وهو مقتنع أيضا بأن المليارات من الدولارات المتوقعة من دول الخليج ستخمد تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة عبر فرض نوع من القيادة الموالية لها من شأنها أن تظل خاضعة لـ(إسرائيل) لعقود مقبلة.

ومثلما اتضح لـ"كوشنر" في أعقاب القمتين العربية والإسلامية الأخيرتين في مكة، كرر معظم المشاركين دعمهم لحل الدولتين المستند إلى قراريّ مجلس الأمن رقم 242 و338، اللذين تبنتهما بعد حربيّ 1967 و1973.

ويدعم المشاركون أيضا، بمن فيهم قادة الخليج، فكرة أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية، ولن يتمكن هو ولا شريكاه الرئيسيان في الخليج (بن سلمان وبن زايد) من إخماد فكرة الدولة الفلسطينية في نفوس العرب.

ويقول "نخلة": "هذا لا يعني أن نموذج الدولتين قابل للتحقيق بأي حال. ففي الواقع، يعتقد أن هذا النموذج قد ذهب أدراج الرياح وحلت محله منطقة واحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط تضم الإسرائيليين والفلسطينيين، يبلغ تعداد كل منهما حوالي 6 ملايين نسمة".

وسيكتشف "كوشنر" قريبا سواء في ورشة البحرين أو في مؤتمرات أخرى، أنه ما لم يعترف بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، فلن تنجح أي صفقة.

ربما تكون الدولة الفلسطينية غير قابلة للتحقيق، لكن ما لم يشارك الفلسطينيون في رسم مستقبلهم، إلى جانب وسطاء نزهاء آخرين، فإن صفقة "كوشنر" ستفشل.

ولن تنجح أي خطة للإسرائيليين والفلسطينيين جرى التحضير لها في واشنطن والرياض وأبوظبي بحجة قتال إيران.

وختم "نخلة" مقاله بالقول: "لا بد من استعادة الدور الأمريكي في الشرق الأوسط على فكرة إجراء مفاوضات رائدة مع إيران وحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حق العيش في سلام وكرامة وأمن".

ويمكن أن تتحقق هذه المحاولة على أفضل وجه من خلال التعاون الدولي والإقليمي. ولا يمكن لأمريكا أن تنجز هذه المهمة الضخمة وحدها بالرغم من قوتها العسكرية والاقتصادية.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك