Skip to main content

هل فَشِل الموساد في اغتيال صدام حسين؟ ولا يُريد تصفية سليماني؟ ماأسباب مُحاولات التّلميع المُكثّفة لجِهاز الموساد

تقاريـر الأحد 13 تشرين أول 2019 الساعة 16:47 مساءً (عدد المشاهدات 2996)

بغداد  /  متابعة سكاي برس

تمتلئ أجهزة الاعلام الإسرائيليّة هذه الأيّام بالتّحقيقات والتّحليلات، التي تُمجِّد جهاز “الموساد” الإسرائيلي وتُبرز قصص اغتيالاته التي استهدفت العديد من الشخصيّات العربيّة والإسلاميّة المُهمّة، ابتداءً من الشيخ أحمد ياسين، مُؤسّس حركة “حماس”، ومُرورًا بالشّهيد عبّاس موسوي، أمين عام حزب الله عام (1994)، حتى أنّ يوسي كوهين رئيس الجهاز، خرَج عن سريته، وأعطَى مُقابلةً لصحيفة “باميشبجا” الإسرائيليّة النّاطقة باسم المُتديّنين المُتشدّدين زعُم فيها أنّ عمليّة اغتيال اللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الإيراني مُمكنةً، ولكنّه ليس مَوضوعًا على قائمة الاغتيالات بعد، وأكّد أنّ عُملاء “الموساد” اغتالوا عَددًا من قادة “حماس” في الخارج في الفترةِ الأخيرة خاصّةً في دبي وماليزيا، ولكنّ الحركة عتّمت على ذلك، ولم تتّهم “الموساد”.
هذه الهجمة الدعائيّة وفي هذا التّوقيت بالذّات، تأتي لتَحقيق عدّة أهداف دُفعةً واحدةً:
الأوّل: التغطية على العمليّات الفاشِلة الأخيرة للجهاز لاغتيال شخصيّات مُهمّة، مِثل اللواء سليماني، والسيّد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله”، وضرب مخازن ومعامل للصّواريخ الباليستيّة الدّقيقة في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت بإرسال طائرتين مُسيّرتين جرى إسقاطهما بكفاءةٍ عاليةٍ، وتَفكيك العديد من الخلايا التجسّسيّة الإسرائيليّة في لبنان مُؤخّرًا.
الثاني: مُحاولة “تَلميع” صورة الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، ومُحاولة إرهاب قادة محور المُقاومة وأجهزته الأمنيّة السريّة الذين حقّقوا إنجازات استخباريّة أمنيّة كبيرة تُؤكّد رجَحان كفّة أجهزتهم في هذا الإطار وآخِرها إفشال مُحاولة لاغتيال اللواء سليماني، وضرب سِت ناقلات نفطيّة في الخليج دون ترك أيّ أثر، ورصد دقيق للمُنشآت النفطيّة السعوديّة ووضع الخُطط لاختراق دِفاعاتها.
الثالث: التّمهيد لحملة اغتيالات جديدة، حيث كشَف رونين بيرغمان، مُحرّر الشّؤون الاستخباريّة في “نيويورك تايمز” و”يديعوت أحرونوت” عن وجود خُطط في هذا الإطار، مُوحيًا بإمكانيّة نقلها إلى مرحلةِ التّنفيذ العمليّ في المَرحلةِ المُقبلة.
هذه الحملة الدعائيّة الإسرائيليّة تأتي في إطار الحرب النفسيّة الإسرائيليّة ضِد محور المُقاومة، وهي حربٌ خسِرتها دولة الاحتلال الإسرائيليّ على أكثر من جبهةٍ، ومُنذ اغتيال الشّهيد محمود المبحوح في دبي، وعماد مغنية في دِمشق، لم ينجَح جهاز “الموساد” الإسرائيليّ في تنفيذ أيّ عمليّة كُبرى ضِد قادة المُقاومة الفِلسطينيّة واللبنانيّة والإيرانيّة.
جهاز “الموساد” الإسرائيلي رسَم لنفسه صورةً أُسطوريّةً مُضلّلة باستهداف بعض الشخصيّات السّهلة، وفي مناطق رخوةٍ أمنيًّا في بعض الدول العربيّة، ولكنّ الصّورة تغيّرت الآن، ولم تَعُد السّاحة خاليةً له، في ظِل بُروز محور المُقاومة، وتطوّر أذرعته وأجهزته الأمنيّة، وزيادة كفاءتها في مجاليّ الرّصد والتّنفيذ، وتفكيك العَديد من الشّبكات الأمنيّة الإسرائيليّة.
الزّمن الذي كان يُرسِل فيه جهاز الموساد الفتيات الجميلات لاصطِياد بعض قِيادات المُقاومة مثل تسبني ليفني أشهرهن، للإيقاع بهم، وتسهيل عمليّة اغتيالهم، لم يعُد من المُمكن تِكراره بالقدر نفسه في الأوقات الرّاهنة، صحيح أنّ منظّمة التحرير الفِلسطينيّة التي كانت تُشكِّل خطرًا كبيرًا على دولة الاحتلال من خلال عمليّات المُقاومة، والاغتيالات، والهجمات على سفاراتٍ إسرائيليّة في مُختلف أنحاء العالم قد جرى تدجينها ونزع أنيابها ومخالبها من خلال اتّفاقات أوسلو، وحِصار قِيادتها في رام الله، ولكنّ هُناك مُؤشّرات تُؤكّد بوادِر بُزوغ مرحلة جديدة، وبأجيال جديدة، ومُقاومة مُختلفة للاحتلال.
الرّوايات التي يُروّج لها جهاز “الموساد” حاليًّا مِثل مُحاولة اغتيال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بتَفخيخ تِمثال الجُندي المَجهول في ساحة الشّهداء ببغداد هي غالبًا من نَسْج الخِيال، في مُحاولةٍ لإعادة “الهيبة” وردّ الاعتبار لجهازٍ أمنيٍّ دخَل مرحلة الشّيخوخة، في ظِل نُشوء أجهزة عربيّة وإسلاميّة مُوازية أكثر حداثةً، فإذا كان جهاز الموساد قد حقّق بعض الاختراقات في العُقود الخمسة الماضية، فإنّ ذلك يعود إلى ضعف الخُصوم وتخلّف أجهزتهم الأمنيّة، وهو ضعف وتخلّف تراجع أمام الأجهزة الحديثة ومَعدّاتها المُتطوّرة، وشبابها الذي تعلّم في أحدث الأكاديميّات الأمنيّة العالميّة في الشّرق والغرب على حدٍّ سواء.
تظَل هُناك نُقطة محوريّة، وهي أنّ اعتراف قادة “الموساد” بتنفيذ عمليّات إرهابيّة استهدفت شخصيّات قياديّة عربيّة، ربّما يُعطي المُبرّر القانونيّ والأخلاقيّ لأجهزةٍ عربيّة وإسلاميّة مُضادّة لتنفيذ عمليّات اغتيال على أعلى المُستويات خارج نِطاق الأراضي المُحتلّة، والتخلّي عن الاستراتيجيّة القديمة.
فإذا كان الحرس الثوريّ الإيرانيّ يتَصدّر قائمة الإرهاب الأمريكيّة والأوروبيّة، وكذلك حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، والشّيء نفسه ينطَبِق على “حزب الله”، فما الذي يَحول دون نقل العمليّات الانتقاميّة إلى كُل مكانٍ يتواجد فيه الإسرائيليّون؟ ألا يُقدّم هؤلاء، ومُباهاتهم الاستفزازيّة المُتزايدة في مُمارسة الإرهاب والاغتيالات الحافِز للثّأر؟

حمل تطبيق skypressiq على جوالك