Skip to main content

الشائعات في العراق.. من يطلقها؟؟ ومن يرعى انتشارها؟؟

تقاريـر الاثنين 02 تموز 2018 الساعة 13:35 مساءً (عدد المشاهدات 8643)

علي بشارة

الشائعات هي وسيلة تستخدمها الأنظمة السياسية حول العالم لتحقيق أغراض متناقضة للغاية، فهناك شائعات تستخدم لجس نبض الرأي العام، أو السيطرة عليه، وإجراء عملية غسل دماغ للجماهير.

وفي المقابل بعض الحكومات تنشر شائعات بهدف رفع الروح المعنوية للشعب وحمايته من اليأس والإحباط، خصوصا إذا كان هذا سيؤثر على نشاط الشعب والحالة الاقتصادية للبلاد.

عندما ترغب الحكومات في تمرير سياسة أو قرارات جديدة، تصبح الشائعة وسيلة لجس نبض الرأي العام ومعرفة ردة فعله مسبقاً حيث تغزو الشائعة عواطف الجماهير فيبدأون في التفاعل معها والتعبير عن رفضهم، أو مخاوفهم، أو حتى تأييد الشائعة، ويصبح رد الفعل مادة خصبة لصناع القرار لتحليل رد الفعل الشعبي، وتحديد كيفية التعامل مع الجماهير سواء الغاضبة أو المؤيدة.

قد يكون لنشر الشائعة تأثير سلبي على نفسية الشعب وروحه المعنوية؛ خصوصا إذا كانت متعلقة بالمخاطر والتهديدات الصحية والاقتصادية التي ترعب المواطن وتهدد سلامته.

شائعات للتخويف والإلهاء

وكما تسعى بعض الأنظمة إلى طمأنة شعوبها؛ قد تطلق الأنظمة ذاتها إشاعات الهدف منها إحداث الخوف والبلبلة وعدم الاستقرار, فالمجتمع يصبح أكثر مرونة وتصديقا لكل ما يقال له واستجابة لقرارات وسياسات جديدة تحت تأثير الخوف أو الصدمة النفسية التي تحدثها الشائعة.

الأمر نفسه يحدث عندما تثير الأنظمة شائعات حول حدوث بعض الأزمات أو الوقيعة بين طائفة من الشعب وأخرى، بهدف إلهاء الجماهير عن قرارات سياسية خطيرة.

وكما تستخدم الحكومات الشائعات لاختبار الرأي العام، تستغل الوسيلة نفسها لتهيئة الجماهير للقرارات المصيرية.

تاريخ انتشار الشائعات في العراق

لا شك أن مجتمعنا العراقي من اكثر المجتمعات تقبلاً للشائعات واكثرها تصديقاً وهذا الامر يعتمد على نقص المعلومات في خلفيات الامور من جهة ومن جهة اخرى العاطفية التي تتحكم بتصرفات الفرد في مجتمعنا.

لم يحتاج مروجي الاشاعات في التاريخ العراقي الحديث للكثير من الجهود لنشر شائعاتهم, بل كان هذا الامر يسيراً وتمكنوا من بث العديد من هذه الشائعات التي وصلنا بعض منها على لسان آباءنا واجدادنا ولعل أبرزها شائعة "أبو طبر" الشهيرة والتي ثبتت في ما بعد بأنها مفتعلة من قبل السلطة لتصفية خصوم لها.

الشائعات في زمن العولمة والانترنت

ربما لايحتاج امر اطلاق الشائعات اليوم أي جهد مع كل هذا التطور في عالم انتشار الخبر والمعلومة ولا يكلف أكثر من كبسة زر ليتلقاها الالاف من المتابعين خصوصاً مع انتشار مايعرف بالجيوش الالكترونية التابعة لجهات سياسية وتمرر ماتريده تلك الجهة, وهو مايفسر انتشار الشائعات في السنوات الاخيرة والتي من السهل ملاحظة تزامنها مع أحداث سياسية هامة في البلد, كمثال حي عما ذكرناه في بداية تقريرنا هذا من الاهداف التي تكمن خلف اطلاق الشائعات.

انهيار سد الموصل والاوبئة والحشرات الفتاكة وجفاف نهر دجلة كلها كانت متزامنة مع احداث سياسية مهمة آخرها كان ملف الانتخابات وتزويرها والجدل الذي اثير حولها, اذا هنالك أيادي خفية تتعمد اطلاق هذه الشائعات بغية شغل الراي العام عن الموضوع الاهم وإحداث فوضى تمكنها من تنفيذ أمر ما.

اما الشائعة الأكثر تداولا اليوم والتي تتحدث عن انتشار مرض الحمى القلاعية النزفية فلها أبعاد اخرى ذات طابع اقتصادي, وبالنظر لقانون التعرفة الكمركية التي من المقرر تطبيقها في ميزانية العام الحالي حيث سترفع من تكاليف الاستيراد وبالتالي مضاعفة اسعار السلع المستوردة وهذا بدوره سيدفع المستهلك للاعتماد على المنتج المحلي, وبما ان شركة منتجات الالبان واللحوم العراقية بدات بطرح منتجاتها وتسويقها, كان لابد للمستوردين من خلق شائعة تحارب المنتج المحلي, ويتضح الاستهداف من خلال جملة ترافق هذه الاخبار تطالب بعدم تناول المنتجات المحلية من اللحوم والالبان وهو المطلب الرئيسي وراء هذه الشائعة.

الغريب في الامر اننا لا زلنا نتفاعل مع كل شائعة ونتأثر بها دون التاكد من مصادرها ونتداولها بيننا, وهذا امر خطير يجب ان نقف عنده ونتحقق من اي معلومة تردنا لانها قد تكون مفتعلة للايقاع بنا فلا نكون فريسة سهلة بيد أصحاب الامبراطوريات المالية والسياسية الذين يبيعون ويشترون بنا. والله خير الحافظين.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك