Skip to main content

تاريخ حزب الدعوة.. تاريخ أحرقه دعاة السلطة

مقالات الجمعة 09 شباط 2018 الساعة 14:38 مساءً (عدد المشاهدات 5340)

سليم الحسني

لاحظت في التعليقات على مقالي الأخير، هناك انتقاد غالب على حزب الدعوة، وهذه الغالبية تعكس أن رصيد حزب الدعوة في الساحة، قد تراجع الى حد كبير مقارنة بالماضي، حيث كانت الدعوة موضع تقدير واحترام لبطولات وتضحيات أبنائها.

لا يوجد تفسير آخر سوى الاعتراف بالفشل الذي سجله المسؤولون من حزب الدعوة في مواقعهم الحكومية، فلقد جمعوا بين الفشل والفساد، وصارت تلك هي النظرة العامة عند الناس. وعادة تأخذ التصرفات السيئة لعدد قليل من أفراد أي كيان صفة التعميم في الواقع.

مجموعة من المنتفعين والمتهالكين على المناصب والامتيازات، دمروا مسيرة تاريخ طويل، ولا يلام الناس على نظرتهم السلبية للدعوة، لأن المفروض أن تكون القيادة بمستوى المسؤولية، وتتصدى بقوة لكل مسؤول ينتمي اليها بالمحاسبة والرصد، فاذا ما وجدته يسقط في الفساد، فتبادر الى طرده من الحزب، لكن هذا لم يحدث. وبذلك تكون القيادة مدانة في اسقاط سمعة الدعوة وحرق تاريخها في محرقة السلطة.

لم يعد الدفاع مجدياً، لأن الفرد العراقي المحروم من أبسط مقومات الحياة، لا يقيّم الحزب على أساس التاريخ مهما كان مشرقاً، إنما ينظر الى حاضره وهذا حقه الأول، فماذا يرى في حاضره؟ إنه يجد مجموعة من المسؤولين يحملون اسم الدعوة، بينما تصرفاتهم تجسد اللص والمحتال والمتكبر والمتعالي على الجمهور.

كان السقوط شاملاً لكل الذين شاركوا في العملية السياسية، وتولوا مناصب حكومية وبرلمانية، حيث انهارت عند المسؤولين منظومة القيم الأخلاقية الى أدنى مستوى، من إسلاميين وعلمانيين، من كل الاتجاهات والمذاهب والقوميات. لكن الرصد كان على الإسلاميين أكثر لكونهم يحملون عنوان الدين، ولأنهم كانوا على طول الوقت يقفون في جبهة المعارضة، مما جعل الشارع ينظر اليهم على أنهم الجهة المنقذة، فجاءت المفاجأة صادمة، حين وجدوا المتصدين في الحكومة والبرلمان يتاجرون بالدين، ويرددون كلمات وشعارات دينية، لكنهم يرمونها جانباً عند التطبيق.

وكانت النظرة متركزة على حزب الدعوة، لأن رئاسة الوزراء شغلها أعضاء من حزب الدعوة منذ عام ٢٠٠٥ وحتى الآن، وكانت النتائج مخيبة للآمال والتطلعات. فرئيس الوزراء هو المسؤول الأول الذي يتحمل المسؤولية، ولا يهتم المواطن ـ وهذا حقه ـ بالتفاصيل والأجواء السياسية المعقدة من حيث التنافس والصفقات السياسية ومحاولة خلق الأزمات.

سرق ممثلو الأحزاب والكيانات السياسية ما يستطيعون سرقته، وعاثوا فساداً في العراق، ولعنهم الشارع العراقي، إلا أن اللعنة كانت أكبر على حزب الدعوة، لأنه يحتل منصب رئاسة الوزراء، ولأنه كان الأكثر بروزاً في زمن المعارضة الطويل.

مسؤولية تاريخية ووطنية وأخلاقية، يتحملها من يتولى المنصب، وكان المفروض أن يعيشها أعضاء حزب الدعوة بشكل أكبر، لكنهم للأسف كانوا بعيدين عن هذا الإحساس، وجاء تقييم الشارع العراقي قاسياً على كل الكيان بحاضره وتاريخه. ولا يمكن إلقاء اللوم عليه، ولا يمكن تصحيح نظرته، لنقنعه بأن يفصل بين التاريخ وبين الحاضر.. بين أبطال شجعان ضحوا بحياتهم من أجل كرامته، وبين نماذج منتفعة سقطت في التطبيق، فغطت على التضحيات بالفساد، وشوهت العطاء السابق بالسرقة الحالية.

كنت ولا أزال أقول بأن تجربة الحكم أسقطت السمعة، وأحرقت التاريخ، وأن الحل لن يكون بالكلمات والايضاحات، إنما بالتطبيق. وها هو التطبيق يفضح النماذج التي تولت مواقع السلطة.

لا يعرف الكثير من المواطنين، أنهم بغضبهم وسخطهم على الدعوة، لا يصلون الى درجة الحرقة والألم والمعاناة عند قسم من الدعاة الذين عاشوا أمل خدمة العراق والمواطن العراقي، لكن المنتفعين (دعاة السلطة) أبعدوهم، ليكونوا بمأمن عن محاسبتهم وهم يسرقون قوت المواطن وثروة البلد.

بحسرة بالغة أقول: مجموعة قليلة كررت قتل الرموز الكبيرة، لقد قتلت من جديد السيد الشهيد محمد باقر الصدر والشيخ عارف البصري والشهيد عبد الصاحب دخيل وآلاف الأعلام والرساليين الذين مزقت آلات التعذيب أجسادهم، لكنهم صمدوا على أمل أن يزول الطاغوت، ويرى المواطن العراقي نور الكرامة في حياته.

زال الطاغوت، وسقط هؤلاء في الاختبار.. حزن وأسف لا يمكن تصويره.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك