بقلم: سمير الربيعي
............
خدعوك يا سيادة النائب حين قالوا لك.. ساعه لقلبك وساعه لربك " لانه من المستحيل ان ينقسم قلب الانسان الى قسمين ويحيا حياتين؟
فاما ان يعيش الانسان لشهواته ونزواته او يعيش لربه.
وسبب اختيارى لهذا المثل بالذات ( ساعه ... وساعه ...) هو أن هذا المثل كان في حد ذاته الخدعه التى يبرر بها الشيطان للكثيرين من اوليائه.فينزلقوا معه الى الهاوية وبكونوا مرتعًا للدعوات المشينة والدسائس الساقطة،
سقطات ونزوات وخلاعه وانهماك في اللذات نساء وليالي حمراء حتي يصل الجميع الي القاع .
لكن صاحبنا هذا مهما غرق في ملذاته ونزواته سيبقى الشيطان بعيدا عنه لانه متدين من طراز خاص متدين حتى النخاع متصوف المنهج على الطريقة النقشبندية وقد أسند إليه سيده مشروع أسلمة المجتمع العراقي بعد 1991 او ما يسمى بالحملة الايمانية ولهذا ارتدى العمامة وإنْ لم يلبسها، ومن العجب أن يتبع طريقة صوفية خُراسانية الأصل على الرغم من كونه يبغض الفُرس وبلاد فارس فإن النقشبندية وكما هو معروف تعود إلى فكر ومنهج محمد بهاء الدين البُخاري شاه نقشبند ولا نريد الخوض اكثر من ذلك؟
أمتلات البلاد وبترخيص من قائده المؤمن لتفتح التكايا والزويا ولربما الى جانبها المدارس.الصوفية وكان تلفزيون الدولة يبث حلقات الذكر والدروشة وجلسات استعراضات تتضمن غرس سيخ معدني (شيش) أو أداة حادة في جسد "الُمريد" أو وجهه. وقد يتخلل تلك الجلسات أيضاً القفز على الجمر أو أكل الثعابين وهي حية.
وفي لقاء تلفزيوني مع الدكتور عبد الحميد العبيدي المشرف على كتابة المصحف الذي خط بدم صدام سأل الرجل عن الدروشة والصوفية وهل هي من الاسلام بشي.
فاجاب الرجل هناك فرق غير مسلمة تعيش في الهند مثل البوذين لهم ممارسات وطقوس مثل المشي على النار أو الجمر الحار المتقد فهل تعتبر هذه كرامات من عند الله؟
بهذا السوال والجواب تم ايقاف البرنامج ومنع الدكتور العبيدي من الظهور على شاشات التلفزة بامر من السيد الدوري ليختفي بعدها الرجل من الحياة العامة حتى قال قائلنا (هاي حوبة القران)
بشعره الأصهب كأنه شعر المعزة ووجهه الاصفر التي تعلوه حمرة قاتمة والذهول واضح على قسماته وعينان ذابلتان مغرورقتان ولسان مكبل عن الحق مع قامة طويلة وجسم نحيل ارهقمها حمل نسرين مع سيفين ممشوقين فوق كتفين مهدولين ليجعلا منه قائدا بمواصفات خاصة وبمقاس خاص.
ورغم كل هذا لم يسمى الدوري السيد النائب طوال حياتها ، مثلما كان يسمى صدام حسين حينها.
زوج ابنته من ابن سيده الاكبر فكان يستمد قوته من المصاهره والسياسه معا.وقد طلقها ابن الرئيس معللا السب لامه بانها تشبه اباها.
ظهر عليه التدين في كبره، فقد رأي أن يجعل لنفسه استثناء ويتزوج بالخامسة كما ذكر طبيب صدام في مذكراته.
ويضيف الطبيب نظرا لأنه لا يشارك زوجته الأولي الفراش لأنها أصبحت عجوزا. واكتفي بأن يكل إليها مسؤولية العناية بطعام وشراب أسرته الكبيرة.
وبذكر طبيب صدام الخاص قائلا أخبرني برزان أن السبب في تعدد زوجات الدوري هو انه كان في المزرعة الخاصة به في تكريت ورأي هناك ابنة الرجل الذي كان يشرف له علي الزراعة، وكانت فتاة جميلة في الثامنة عشرة من عمرها. وعلي الفور سأل أباها إذا كان يسمح له أن يتزوجها وطبعا وافقه إلي طلبه.
ومن طريف ماذكره الطبيب في مذكراته عن السيد النائب( وحياة مثل هذه ينتج عنها أطفال كثر. في أحد الأيام جاء عزت الدوري دون موعد سابق إلي مستشفانا ومعه ثلاثة من أبنائه لنجري لهم عملية الختان، وكانت أعمارهم تتراوح بين الثلاث والأربع سنوات، ومن بينهم طفل لم يكن الأب يتذكر حتي اسمه.
واذكر كيف جن جنونه عندما رفضت إجراء العملية لهم لأنهم تناولوا طعام الإفطار ولهذا فقد يتعرضون لخطر الاختناق إذا أصيبوا بحالة من القيء وهم تحت التخدير. وبالطبع لا يمكن عمل العملية دون تخدير لأن هذا معناه آلام رهيبة للمريض.
وعندما فهم أنه لن يصل معي لأي حل آخر، أخذ أبناؤه إلي حلاق عند ناصية الشارع، وقام بعمل الختان للأطفال، الذين لابد وأن يكونوا قد تألموا ألما شديدا.)
قبل سنة من نهاية حكمه تقريبًا بث التلفزيون مرة لقاءً، وقد أحضر فيه عزت الدوري ومعه بعض رجال الدين وبعض الوزراء .. فسأل صدام سؤالًا 'هل يمكن أن يبلغ الحاكم مرضاة الله ؟'
فقال احد المشايخ : 'من تاب تاب الله عليه' ! وما كان يقول له: سيدي الرئيس . ابتداه عزت:قائلا سيدي أنت مأجور في كل حالاتك لأنك مجتهد ... وفي احد المرات قال له سيدي نحن معك حتى لو تغلط وانت حشاك ما تغلط؟
بعد كل هذا النحطاط والتبعية صار بعد سقوط صدام أهم مما كان في عهده. كان نائب رئيس بلا صلاحيات، يعني رجل بلا مواصفات. وكلف بأدوار شكلية، واشتهر مرة في فترة غزو الكويت في أوائل التسعينات، ثم عاد إلى الصفوف الخلفية وكأن الدور مرسوماً له بدقة وقد نجح به لانه لا قرار لديه، و له حد يقف عنده،
ان من اهم اسباب بقائه قريبا من سيده طوال ثلاثة عقود ، دون ان يتعرض للتصفيه شانه شأن باقي القيادات البعثية منذ تولي البعث للسلطة الى انهياره، هو تبعيته المطلقة له ، واقتناعه الكامل ب"عبقرية" سيده ، وهذه النظرة لصدام كانت تنبع من غباء مشهود ومشهور عنه لدى اوساط العراقيين حتى عُرف بـ"الطرطور".او الخرنكَعي. وقد تردد هذا المعنى كثيرا في مفاكهات العراقيين ونكاتهم حوله. كان تسفيهه والسخرية منه بين العراقيين مدعومين من صدام حسين نفسه، ليظهره بمظهر التابع. فحصل كثيراً أن وجه له أسئلة واستفسارات في اجتماعاته يُضحك بها الآخرين منه.
هذه المحاوله لم تات من الشارع العراقي بالرغم من تداولها بشكل ملفت للنظر بين اوساط الناس بل ان المخابرات العراقيه هي من كانت تروج لمثل هذه النكات والطرائف التي تنعت ابو الثلج بالطرطور بناءا على اوامر من صدام نفسه وذلك (لتنفيس) الشعب من جهه كما ان لتشويهه صورة الطرطور من جهه اخرى خطا ذكيا كي لا يتطلع يوما لمركز اعلى من ناحيه وكي لا يقبله الشارع رئيسا ان حاول اللعب بذيله والمعروف عنه ان حتى ذلك الذيل بتره صدام.
كنا نسمع الطرائف و النكات عن الرجل تعبيراً عن بساطة عقله ومن هذه النكات العراقية منها على سبيل المثال لا الحصر.
فد يوم زوجة عزت الدوري كلتة ليش بس صدام عندة صور
لازم انتة هم يعلكولك صور فسوة صورة حجمهة 10 امتار راح
ايريد يعلكهة فشافة صدام كلة وين رايح عزت
كلة سيدي النفوس طلبت صورةمني لان اريد اسوي جنسية بدل ضايع
- فد يوم عزت الدوري زوجتة كلتله ليش بس صدام
يروح يزور المدارس والدوائر انته ليش مسوي مثلة
راح عزت الى مدرسة محد هوسلة لكة الفراش كلة شو
محد يهوسلي كلة سيدي مو اليوم جمعة ؟
ومنه ما كان يتردد على مستوى الحزب.
بان صدام طلب منه بألقاء خطاب في مؤتمر الأعلاميين والكتاب العرب المعقد في بغداد وليشرح لضيوف المؤتمر منهج وبراعة العراق الاعلامية. ذهب عزت الى وزير الاعلام وطلب منه على عجل أن يكتب له خطاب بليغ حول الموضوع على ان لايستغرق ألقاءه اكثر من ربع ساعة لأفساح المجال لأكثر عدد من الحضور في التحدث. عمل الوزير اللازم وأعطى الخطاب لعزت. أفتتح عزت الدوري المؤتمر وصعد المنصة لألقاء الخطاب وبدأ بالقراءة. مرت ربع ساعة ثم نصف ساعة وهو لايزال يخطب. وبعد ساعة أنتهى الخطاب وصفق له المرتزقة الحضور على ما ألقاه عليهم. نزل عزت من المنصة وتوجه الى مكان جلوسه. سأل عزت وزير الاعلام الجالس بجنبه: طلبت منك خطاب قصير مختصر مفيد أشو هذا أستغرق ساعة كاملة؟ أجابه الوزير: يا رفيق عزت‚ لقد أعددت الخطاب على أن لايطول عن ربع ساعة بالفعل وقد أخذت بعين الاعتبار حتى التأخير الممكن لعدم مقدرتكم في القراءة السليمة للغة العربية وقد عملت أربعة نسخ من الخطاب لتقرأ واحدة وتعطي الصحفيين النسخ الاخرى ‚ بس حضرتك قرأت علينا كل النسخ الاربعة الواحدة تلو الاخرى. والحمد لله لم ينتبه أحد من الحضور بدليل أنه لازال التصفيق يملئ القاعة!
ومنها ان صدام دعا إلى إجتماع عاجل ليزف إليهم بشرى إلغاء قرار الحصار الإقتصادي بعد أن أوهمه طارق عزيز بأن مجلس الأمن إتخذ القرار ولم يبقَ غير إعلانه بشكل رسمي , وفي الإجتماع كان عزت الدوري يجلس على يمين الرئيس , رنَّ الهاتف الخاص على الطاولة فرفع صدام سماعة الهاتف وكان المتصل هو سفير العراق لدى الأمم المتحدة نزار حمدون الذي أبلغ صدام أن مجلس الأمن أصدر قراراً بتمديد الحصار لعامين مقبلين , فصاح صدام غاضباً : إتمدد ؟!
فما كان من عزت الدوري إلا أن إنتفض من مقعده وانبطح أرضاً فنظر إليه صدام بتعجب وقال له (شبيك ولك ؟) يعني ماذا حدث لك ؟
فرد عزت الدوري : سيدي إنت صحت (إتمدد) !
تلك مجرد عيّنات بسيطة جدّاً لما نعرفه ونسمعه ونحكيه ونضحك منه.
لكن رغم كل هذا كان الرجل مهما، وأهميته تعود، بالاضافة لطاعته لصدام، إلى كونه من الشخصيات غير المتهاونة في تنفيذ قرارات القسوة ضد أي بادرة أو أي صوت يعترض التكتل الذي يقوده صدام حسين فقد كان عنصرا هاما في دائرة سيده، له السطوة في الحزب والدولة والقرارات الخطيرة، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن الدوري تحذيره للأكراد من مغبة إحداث متاعب في العراق عند اندلاع حرب الخليج في عام 1991.وحذر الدوري الأكراد قائلا "إذا كنت قد نسيتم حلبجة، فإنني أريد أن أذكركم أننا مستعدون لتكرار العملية مرة أخرى".وكان الدوري يشير إلى مجزرة حلبجة التي قتل فيها مئات الأكراد عندما تعرضت بلدتهم حلبجة لهجوم كيمياوي.
---------------------------------------------------------------------------
