Skip to main content

أحزاب العراق..الولاء للقائد وحصة الوطن "شعارات" لا أكثر

تقاريـر السبت 29 تموز 2017 الساعة 17:45 مساءً (عدد المشاهدات 4147)

بغداد  /  سكاي برس: علي بشارة

\يختلف رجل السلطة عن رجل الدولة بكافة المقاييس، فغالبا ما تتقدم لدى رجل السلطة المصلحة الخاصة: الشخصية، الفئوية، الحزبية، الطائفية.. على المصلحة العامة لعموم الشعب، ويكون في بعض الأحيان متعثرا في أداء عمله ويفتقر إلى المهارة المطلوبة، وتستحوذ عليه عقلية التآمر والتسقيط والصراع، ويغرق المجتمع في دوامة من الفوضى والإرباك واللايقين، ويوظف مؤسسات الدولة العامة: الجيش، الشرطة، الإعلام، المال العام.. لمصلحته بدلا من وظيفتها الطبيعية لمصلحة الناس..

وللأسف الشديد فإن العملية السياسية في العراق عانت الكثير من رجال السلطة الذين يسخرون كل الامكانات ويهيئون كل الاجواء لغرض تحقيق مصالح شخصية ومكاسب لأفراد معينين غير آبهين بمصير بلدهم وشعبهم, وعلى هذا الاساس فقد بنيت جميع الانظمة السياسية العراقية بالشكل الذي يخدم شخص معين ويجعله زعيما ينهار كل شيء في حال حدث له مكروه ما او قرر الانسحاب من الجهة الفلانية والانتماء لجهة اخرى.

لم يستطع الشعب العراقي بعد التغيير التخلص من مبدأ "القائد الضرورة" الذي فرض عليه لعقود, ويبدو ان هذا المبدأ قد ترسخ في عقول غالبية الشعب فنرى دائما شخصنة الأمور وربط المصير بزعيم ما وكأن وجوده هو الضمان الوحيد لسير الحياة, ولا ننكر ان المسؤولين أنفسهم عملوا على ترسيخ هذا المبدأ خدمة لمصالحهم ولكن استعداد الشخصية العراقية لتقبل هكذا نظام كان له الأثر الكبير في انجاح هذا التوجه خصوصا وان أغلب الجيل الحالي الذي يقع على عاتقه الاختيار والانتماء السياسي كان قد تربى على هذه السياسة ونشأ في ظل حكم الحزب الواحد والقائد الضرورة.

لم تبرز الساحة السياسية العراقية عبر أكثر من عقد من الزمان أي تيار يتخذ منهجا وتوجها معينا على غرار مايحدث في جميع الدول الديمقراطية, فترى التيارات اليسارية واليمينية وتيارات الوسط, بل العكس فان ما أنتجته العملية السياسية عبارة عن مجموعة اشخاص يرتبطون بقائد معين ويتخذون من اسمه عنوانا لهم ويميلون حيث مال ولا يحملون أي مشروع أو مبدأ للمحاربة من أجله فهم أتباع لذلك القائد الذي له كل الفضل في وصولهم لمناصبهم.

ما حدث في الايام الاخيرة من انشقاقات داخل المجلس الاعلى وظهور تيار سياسي جديد كان خير مثال لكل ماذكرناه, فبمجرد اعلان السيد الحكيم انشقاقه عن القيادات الاخرى لحقت به اغلب التنظيمات والتكتلات التابعة للمجلس الاعلى تاركين وراء ظهورهم كل الشعارات والمباديء التي بني عليها انتماءهم السابق, مبايعتهم ومباركتهم لم تكن عن دراية وتعقل بل هو اتباع أعمى لا يرجى منه سوى الحفاظ على الحظوظ الانتخابية والمكاسب, وليس نحن بصدد مهاجمة جهة معينة او انتقادها بقدر ما يهمنا انتقاد ظاهرة عامة فجميع الأحزاب تتبع نفس المنهجية ولكم أن تتخيلوا في حال وفاة السياسي الفلاني أو مرضه كيف سيكون مصير الائتلاف او الحزب أو التيار الذي يقوده, بالتأكيد فان مصيره التشظي والانقسام ان لم يكن الإندثار.

الاحزاب الإسلامية كانت صاحبة الحصة الاكبر في هذا التوجه وكان أمرها اخطر لأنها ترتبط دائما بقائد معين يعتبر بالنسبة لجميع الاعضاء "الزعيم الروحي" الذي لا يخطأ ولا يناقش واتباعه واجب وعصيانه كفر وخروج عن الملة والمذهب والدين فهو يستمد افكاره وقراراته من وحي السماء.

إسلاميو العراق كانت أمامهم فرصة نادرة، وكانت الولايات المتحدة إلى جانبهم وما زالت. تسلم زعماء حزب «الدعوة» و»المجلس الأعلى» والحزب «الإسلامي» (الإخوان) الحكم, بعد أن حلت الجيش العراقي وضربت كل الأجهزة الأمنية والسياسية السابقة، وقررت اجتثاث البعث، مفسحاً المجال أمامهم لإعادة بناء النظام والدولة من جديد. لكن تغليب المصلحة الفردية والتوجه الطائفي، وعدم الخبرة السياسية، فضلاً عن صراعاتهم الداخلية، أوصلت العراق إلى ما هو عليه اليوم من تفكك على المستوى السياسي والاجتماعي، وتقسيم عملي بين شمال وجنوب ووسط، على أسس طائفية وعرقية. وبعد أكثر من 14 عاماً من الاحتلال ، لم يستطيعوا تأمين الكهرباء، ولا الماء، ولا أبسط الخدمات. 

على هذا الاساس فقد فشلت تجارب الأحزاب السياسية في الحكم، والأسباب كثيرة، ربما كان أهمها أنها لم تتطور، لا على مستوى الفكر ولا على مستوى النظرة إلى تحول المجتمعات. وبقيت في خدمة قادتها والمقربين منهم وضياع المشروع الوطني لها, وهذا الجمود يتركها على هامش الحياة السياسية أو يضطرها إلى الانعزال.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك