Skip to main content

سنة العراق بعد داعش بين مصيرين “خيمة الوطن أو خيمة الطائفة”؟

مقالات القراء السبت 01 تموز 2017 الساعة 09:34 صباحاً (عدد المشاهدات 2714)

 

د.محمد صادق الهاشمي

داعش انتهت فعلا ولاشي يؤكد انها سوف تستعيد وجودها مع كثرة مايقال عن ظهور نسخ اخرى اكثر أو اقل تشددا , فان الحاضنة الداخلية في العراق والتي كانت تمارس دورا قهريا قسريا على المكون السني لاحتضان تلكم العناصر المحملة بايديولوجيات خطرة قد انتهت وتغيرت افكارها وثقافتها السياسية وتحولت الى الضد من توجهات المد الذي انتج داعش وتحول الاغلب منهم الى حاضنة الى الدولة والمفهوم الوطني فما عادت البيئة العراقية له مؤاتية وهذا يعني ثمة ملاحظات جوهرية علينا ان نتامل فيها كتداعيات مهمة ومستلزمات لنتائج مابعد داعش.

ان المكون السني العراقي الان يبحث هو عن حاضنة له بعد ان كانت نسبة منه ورطته في احتضان المشروع الداعشي بتصور انهم سيقدمون لهم الفردوس الارضي وعلى الدولة العراقية قبل غيرها ان تشكل وتقدم نفسها حاضنة حقيقة لهم استمرارا لحاضنتها لهم في الدفاع العسكري عنهم وان فتوى المرجعية في الدفاع عن الارض والعرض مستمرة في مرحلة مابعد داعش لاحتضانهم سياسيا واعمارا واقتصاديا لانقاذ هذا المكون, وينحصر الانقاذ هنا وفي هذه المرحلة بالحكومة العراقية وان اي مساعدة خليجية او دولية يجب ان تقدم من خلال الحكومة العراقية ودولة العراق وموسساته لا من خلال الاحزاب السنية القديمة التي فارقت المكون في محنته وعسره والتي سيفارقها في مرحلة يسره.

وان حصر الاحتضان والاعمار والعودة بهم وبمدنهم الى الحياة بالحكومة والدولة لانهم ابناء العراق قبل ان يكونوا ابناء تلك الاحزاب وان تلك النظرة الحزبية والانتماء الطائفي هو الذي عرضهم الى الضرر وافقدهم الاستقرار فلا محيص ولا حل الا بمغادرة هذه المقولة التي هي السبب الحقيقي لكل ما تعرضوا اليه عبر التاريخ الطويل وخصوصا تاريخ ما بعد 2003, وهذا ما اثبتته الاحداث وخصوصا محنة داعش .

ان المشروع الذي يتحرك في الافق العربي والخليجي يدرك المتغيرات لدى المكون السني العراقي ويريد الاخذ بهم الى المحيط الاقليمي ومن خلال سكة الطائفية مرة اخرى ولكن يجب ان تمد لهم يد العون والاعمار من خلال سكة الدولة والوطن، بيد ان هذا يتوجب وعيا عاليا يمارسه المكون السني و الوعي هنا يتحدد في ان يختار المكون من يمثله بامانة عالية ليكونو لهم قادة صالحين ينهون عنهم البأس والالم الذي يمزق المجتمع السني ويحدد لهم مشروعا ناجحا، ولا نصر في البين الا بان يغادر المكون السني نظرية (الاحتضان الطائفي) والحزبي السياسي والرجوع الى (حاضنة الدولة العراقية) و بافقها الاوسع.

المكون السني ادرك -ايضا – ان النصر لم يتحقق بفعل العامل الاقليمي والدولي ان لم يكن هم السبب فيه تكوينا واستمرارا فالتاريخ ما زال ساخنا والحبر والدم لم يجفا من ان يكتبا تلكم الحقائق بان النصر وليد عوامل ضاربة في عمق اعتقادات المجتمع العراقي بتراتيبية عالية من مرجع اعلى يفتي بعد قرن من زمان توقفت فيه فتاوى الجهاد الكفائي، وامة تعتقد وتختزن في عقائدها الدينية والوطنية الامتثال لتلك المرجعية، وحكومة تسير وفق هدي الدستور والتوجهات العليا لمرجعية حاضنة لجميع ابناء الشعب العراقي، وامة واعية تمتلك حسا وطنيا لاتفرق فيه بين اربيل والعمارة، وبين الشمال والجنوب وبين الموصل والنجف الاشرف فكلها العراق , سيما ان الفتوى لامست الحس الوطني واستنهضت الهمة العليا والشعور المقدس وعمقت القيم والغت الفوارق الطائفية واتسعت – تلك الفتوى – لتغطي كل الجغرافيا والسكان العراقي لذا كان النصر.

فعلى المكون السني وهو بيده مفايتح الحل الان ومستقبلا وبعد تجربة مريرة له ان لايخرج من خيمة الفتوى والمرجعية والوطن والحماة لمجرد انتهاء المحنة ويتصور انه استظل بها- الفتوى والوطن – اضطرارا ويستغني عنها اختيارا, بل نجاة العراق في وعيه وارتباطه بخيمة العراق لا خيمة الاقليم والمحيط الدولي بعدما تأكد له وبدليل قاطع انها لم تمارس الجدية في الدفاع عنه وجعلته مشروعا تمرر من خلاله اهدافها وربطت بين التحرير وانقاذ المدنيين بمشاريع الاحتلال والمصالح الغربية بل تفرجت عليه ولطالما نالته نيران طيرانهم يوم كان الدم الجنوبي ينهمر دفاعا عنهم ويختلط بدم الغربية والشمال.

ابناء المكون السني يرون بعين التجربة والبصيرة ان المشاريع التي طرحت ابان الاحتلال الداعشي هي ذاتها التي سبقته من منصات البعث ووخيم التفريخ الوهابي, وهي من المؤكد مستصحبة رؤيتها واهدافها لما بعده, فالجميع يبحث عن وجوده ومصالحه لا عن مصالح الانبار او الموصل وصلاح الدين , فضلا عن عدم تفكيره بالاعمار الا وفق ستراتيجيات ينفذها في مرحلة مابعد داعش بعد ان اخفق في تحقيقها من خلال الاحتلال الداعشي فالذي يفكر في تحرير المجتمع العراقي السني وغيره – بفعل التجربة – هو الذي قدم دما ونزف روحا وصان عرضا فعلى المكون السني ان لايسلم نفسه والعراق معه تارة اخرى الا للمشروع العراقي الوطني.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك