Skip to main content

ايران العظمى والعراق.....!!!

مقالات الثلاثاء 20 حزيران 2017 الساعة 15:02 مساءً (عدد المشاهدات 9640)

بغداد/سكاي برس:

بقلم:  مراد الغضبان 

رغم انهما دولتين جارتين, وتربطهما حدود طويلة  وتواجههما نفس الاطماع الغربية الاقتصادية والتحديات الامنية, وخوضهما لحرب دامت لاكثر من ثمان سنوات. الا ان ما يفرقهما هي التاثيرات التي نتجت عن كل هذه التحديات, العراق وايران, كيف تأثرت كل منهما بالمصاعب التي واجهتها وماهي الوسائل التي اعتمدتها كل دولة في نضالها.

أبرزت الحرب العراقية الايرانية تفاوتا واضحا في طريقة كل دولة بالتعامل مع التحديات الخارجية والحيل السياسية والعسكرية التي تتمتع بها كل من الدولتين, فالعراق اعتمد اعتمادا مباشرا على المساعدات الخليجية ووقوف الدول الغربية بجانبه وهو أمر معلن جعل قدراته وامكاناته جلية ولم تترك مجال لعنصر المفاجأة وخداع العدو فكل ما نملكه من قوة معروفة لدى الطرف الآخر.

أما إيران ومنذ فضيحة "ايران كيت" والتي كشفت عن تهريب أسلحة أمريكية لايران بالتعاون مع تجار باكستانيين وكانت تتم بتدبير من نائب الرئيس آنذاك "هاشمي رفسنجاني", وما مثلته هذه الفضيحة من مفاجأة حيث كشفت اسباب المقاومة الكبيرة لكل ما ابدته الدول من دعم للعراق في سبيل اجتياح طهران والقضاء على حكم الثورة الاسلامية, فكانت ايران تقاتل بسلاح أمريكي غير معلن وهو ما مثل عنصر المفاجأة والمباغتة في الحرب.

إمكانية خضوع المسؤولين العراقيين وتنفيذهم لأجندات دول اخرى مقابل الحفاظ على مناصبهم ومكتسباتهم بدءا من حكم البعث حتى يومنا هذا مقابل العنصرية الايرانية في تحدي كل من يطمع في بلادهم وصعوبة اختراق أي مؤسسة حكومية ايرانية, كل هذا جعل من ايران امة بحد ذاتها بعنصريتهم للقومية الفارسية ولغتهم وعاداتهم وتقاليدهم وموروثهم الشعبي, وحكمة مفاوضيهم وعنادهم وإصرارهم على نيل حقوقهم ولو بعد عشرات السنين من المفاوضات والمباحثات, وهو بالضبط ماحصل خلال مفاوضات الملف النووي والاتفاق الذي ابرم مع الجانب الامريكي وأدهش العالم وقتها بالدهاء والحكمة الايرانيين في التعاطي مع الملف حتى نيل الغاية والمراد.

استغلت ايران الدين والمذهبية بشكل يصعب على غيرها الخوض به, وأبرزت نفسها ممثلا للشيعة في العالم والمقاومة الاسلامية بشتى صنوفها وولاءاتها, وهو الامر الذي جعل العالم يحسب لها الف حساب وأصبحت قوة لايستهان بها ويحتاج الجميع لان يفاوضها في سبيل انهاء أي ازمة, ومن البديهي ان تستغل هكذا دولة وبكل هذا الدهاء, الظروف التي تحل بالمنطقة بدءا من العراق وهشاشة الانظمة الامنية والسياسية فيه, وأوضاع سوريا واليمن والبحرين, والعزلة التي تعاني منها المقاومة الفلسطينية والمخاطر التي تواجه حزب الله وتهديدات اسرائيل له, كل هذا سخرته ايران لتكون اللاعب الاكبر في هذه الاحداث وأخطر المساهمين في صنع القرار, وبدأت بالحديث عن العواصم التابعة لها والتي تحكم القرار فيها مستغلة كل أزمة. حتى نجحت في ايقاف مخططات امريكا في سوريا والعراق واليمن عبر دعمها للمقاومين.

تعتبر ايران وجود عراق قوي في المنطقة أمرا خطيرا يهدد أمنها ورغباتها لذلك فقد عملت على اضعافه وهو الامر الذي صرح به العديد من صناع القرار في ايران معتبرين ان نهضة العراق ستجعل منه دولة منافسة لهم.

مسؤولي ايران والمتصدرين للقرار السياسي هم من الكفائات الضالعة في السياسة ولهم خبرة في التعامل مع كل ملف بكامل المهنية والرصانة, لهم باع طويل في مايناط بهم من مهام وتعود خبرتهم لايام الثمانينيات أي تماما بالعكس من المسؤولين العراقيين وسياسيي الصدفة الذين فرضتهم الضروف وأوصلتهم لمناصب لم يكونوا ليحلموا بها.

التحديات الامنية وكيفية تعامل الايرانيين مع التفجيرات الاخيرة التي استهدفت مرقد الامام الخميني والبرلمان الايراني والحكمة التي اذهلت المراقبين وسرعة القاء القبض على المنفذين والمخططين ومن وراءهم, وإستمرار سير الحياة في شوارع العاصمة, عكس مايحصل في العراق وغلق القوات الامنية لشوارعه لمدة اسبوع بعد كل تفجير, والرد الذي جاء على لسان المرشد الأعلى للثورة الاسلامية السيد علي خامنئي والذي وصف التفجيرات بالمفرقعات وتناقلتها جميع وسائل الاعلام كرد رسمي, هكذا تصرفات وردود تعكس للآخر بأنه أمام دولة كبيرة يصعب الاخلال بأمنها أو تهديدها.

لم تكتف عند كل هذا بل خرجت وهددت بعملية جوية لم يشهد العالم نظيرا لها منذ 30 سنة, أي دولة تجرؤ على هكذا تصريح وفي منطقة مملوءة بالقواعد والتواجد العسكري الامريكي. حيث استهدفت مقرات لداعش في دير الزور بصواريخ أرض أرض شديدة الانفجار. كرد رسمي ورسالة للمنظمات الارهابية بأن هذا مصير كل من يتجرأ على أراضي الجمهورية الاسلامية, وهو تماما عكس ما يجري في العراق الذي تخترق اراضيه ليل نهار حتى اصبح ساحة لتصفية الحسابات الدولية ومسرحا لكل من هب ودب في عرض بطولاته دون أي رد فعل رسمي رغم الكشف عن تورط دول اقليمية وعربية بدعم الارهاب وقتل ابناء الشعب العراقي لأكثر من عشر سنوات.

أمام رصانة الأجهزة الامنية والمخابراتية العسكرية الايرانية, تبرز هشاشة المنظومة الامنية العراقية فمنذ العام 2003 أصبح العراق منطقة عمليات لمخابرات أكثر من 36 دولة تعمل على القتل والتخريب والتهريب والسرقة وكل ما يخدم مصالحها ويهدد أبناء هذا البلد.

مئات الضحايا العراقيين بعد كل حادث تفجير ولا تعلن اي نتائج عن الجهات المنفذة بل ان اغلبها اغلق التحقيق بها بعد أوامر صادرة من جهات عليا, كل هذا نتيجة للبناء الغير سليم في المنظومة الامنية وتعاقب الوزراء فكل وزير يأتي بحاشيته ويعزل السابقين وهو الامر الذي منع تراكم الخبرات عند الضباط والمراتب العسكرية والامنية فبعضهم ينقل من كاتب الى مدير مؤسسة امنية والبعض من حارس ليلي الى مقدم في الاستخبارات العسكرية وهكذا تستمر المهزلة.

احداث الموصل وما أبرزته من انهيار في الاجهزة العسكرية, وتسليم محافظات في غضون ساعات بالتنسيق والتخطيط والعمل مع ضباط خونة وقيادات باعت وطنها, والى اليوم تشهد قضية الموصل مزايدات وأجندات تسعى لتأخير حسم المعركة لأغراض انتخابية رغم الخسارات المتواصلة في صفوف الصنوف المقاتلة من جيش وشرطة وحشد شعبي. ولا يوجد رد حاسم للعراق في معاركه ضد داعش على غرار ماحصل في حلب وضربة بشار الاسد التي قصمت ظهر الارهاب فيها.

السياسة الخارجية العراقية اذا ما قارنا ظريف الداهية السياسية الذي اخضع الدول العظمى في الاتفاق النووي, مقابل هوشيار زيباري الذي جعل من وزارة الخارجية ناطقا رسميا بإسم حكومة كردستان واستخدم صلاحياته في خدمة الاقليم متناسيا دوره في تمثيل كافة أبناء العراق, اما الجعفري الرجل المصاب بداء العظمة, ويرى نفسه أكبر من الحكومة ومن العراق اجمع والمنظر صاحب الجمل الرنانة والعبارات المقفاة والموزونة, تصريحاته في واد وكلام الحكومة في واد, وكأنه نسي دوره كموظف في الحكومة, وهو الامر الذي تجلى من خلال تعاطي المسؤولين العراقيين مع أزمة قطع العلاقات الخليجية الأخيرة.

ايران تبيع السلاح للفصائل المقاومة بيمينها وتقبض بشمالها ورغم كل هذا يراها المقاومون على انها صاحبة الفضل في دعمهم. مقابل العراق الذي يستورد من ايران ماقيمته 20 مليار دولار سنويا, بضمنها 12 مليون دولار "آيس كريم" ايراني.

كل هذه الامور وغيرها تجعل ايران تسير نحو العظمة وتسيد المشهد العالمي

بينما يسير العراق نحو مصير مجهول ومظلم لاتعرف عواقبه.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك