Skip to main content

وسط تعدد الولاءات..لم لا تكون الانسانية معيارا للقياس؟؟

مقالات القراء الاثنين 19 حزيران 2017 الساعة 18:39 مساءً (عدد المشاهدات 3035)

بقلم:  ضياء الدين كاظم

تساؤل..
أذا كان الأنسان يعيش في هذه الدنيا بعدة ولاءات تتدرج في أهميتها وعظمتها وخطرها حتى تتضاءل أحدها أمام الأخرى حسب هذا التدرج والموالاة..
وإذا كانت الغاية من هذه الولاءات هي الحفاظ على أنسانية الأنسان وكرامته...
ألا تعد الأنسانية معياراً ومقياساً لهذه الولاءات؟
ألا يمكن للأنسان أختبار قدسية ولاءاته وحقيقتها بمقدار أنسجامها وتطابقها مع معايير الأنسانية؟
أذا كان الولاء للوطن والدين والمذهب والقومية والعشيرة والعائلة حقاً مكفولاً لكل بني البشر..
ألا يمكن أن يكون هناك حد لهذا الحق لايمكن لأحد تجاوزه في دفاعه عن أيٍّ من هذه الولاءات؟
أليس هذا الحد هو نفسه حد التجاوز على الأنسانية؟
عندما نشترك جميعاً في رابط ديني أو قومي أو أو ..ألخ...يصبح من الصعب علينا طرح سؤال ما فيما يخص هذا الرابط الذي ستشترك الجماعة في تقديسه..
فكل رابط جماعي تضفى عليه هالة من القداسة تكون في كثير من الأحيان مجهولة المصدر
ويكون مجرد التفكير في أمر ما يخص هذا الرابط أمراً مخجلاً لذا نخاف من تساؤلاتنا الداخلية حتى لو كانت هذه التساؤلات تصب في مصلحة ما هو أعظم منه خطراً أو في مصلحة مجموع البشر الذين يؤمنون بهذه الفكرة الجماعية..
لكن كل من يملك بوصلة وخارطة للمسير ومعهما عقل مؤهل لأستنباط الأتجاه الصحيح لايخشى عليه من الزلل أو الضلالة..
وفي تأريخنا ورصيدنا الثقافي والحضاري مايعد مثابة ومرجعاً لنا وقدوة تعصمنا ان تممسكنا بهديها ونهجها مهما تقول المتقولون والمتخرصون والأمثلة على ذلك لاتعد ولاتحصى...
عذب محمد بن عبد الله صلوات الله عليه هو وأهله وعشيرته وأتباعه وحوصروا وهجروا حتى ضاقت بهم الأرض بما رحبت ولم يجد بدّاً من ترك موطنه .. وعندما عاد أليه مظفراً منصوراً لم يحرق داراً ولم يقتل أسيراً ولم يجازي أحداً بفعله وقال أذهبوا فأنتم الطلقاء...
عندما قدم جيش علي الى صفين وجد أهل الشام قد سبقوه أليها وأخذوا جميع طرق آبار الماء واستحوذوا عليها فكشفهم وأحتل جميع آبار الماء حتى أذا أجهدهم العطش بعثوا أليه يطلبون السماح لهم بأخذ الماء فسمح لهم وعندما لامه أصحابه قال لهم أذا كنت أرضى بفعلهم و أفعل مثلهم فلم أحاربهم؟
عندما قدم عبيد الله بن زياد ألى الكوفة وزار هانيء بن عروة وعنده مسلم بن عقيل أشار هاني على مسلم أن يستتر في مكان في بيت هانيء ويضرب عنق بن زياد فينهي بذلك خطر الأمويين في الكوفة...وعندما لم يخرج مسلم ويفعل ما أشار عليه هانيء وبعد خروج بن زياد عاتبه قائلاً أجبنت وانت من بني هاشم؟ قال لاوالله ماجبنت لكني ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله ( لايجتمع الختل ( الغدر ) والأيمان في قلب واحدٍ أبدا)..
عندما هجم جيش يزيد بن معاوية على المدينة المنورة وأستباح مدينة رسول الله ثلاثة أيام كان حرم وعيال آل مروان في حماية الأمام زين العابدين عليه السلام ومروان كان أشد الناس على أبيه الحسين عليه السلام ومن المشيرين بقتله..
والقرآن الكريم قبل كل هذا واضح أشد الوضوح: ( ولايجرمنكم شنآن قوم على الّا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى).
أن وقوع الظلم من جهة ما لايعطي الحق للمظلوم في الخروج عن دائرة المباديء والثوابت الأنسانية وأنك إن عاملت من ظلمك بمثل ظلمه فأنت لاتختلف عنه أبداً ...أنت إذاَ ظالم آخر بولاءاتٍ مختلفة
وأن تحقيق الأنتصار العسكري ليس بالضرورة هو ضالة الذين يبحثون عن العدل والحق والأنسانية فالثبات على المباديء في أشد الظروف وأحلكها والتمسك بأنسانية الأنسان حتى آخر حياته رغم الضغوط الهائلة هو مايشكل النصر المعنوي الذي يدوم ويبقى خالداً خلود بني البشر وفي الحسين بن علي خير مثال وهو الذي قضى مذبوحاً وهو يقول من تخلف عنا لم يدرك الفتح..
بعد هذا قد أكون قادراً على طرح تساؤلي وقد تسعفني جرأتي المترددة في أن أسطّر هنا مايتردد في ضميري ولا أملك الشجاعة في ترديده على غيري خوفاً من أن يجردني الناس من ولاءاتي ويتهموني كما أتهم من قبلي الكثير بتهم جاهزة تتغير مسمياتها بتغير الأزمان لكنها في المضمون لاتختلف
أقول : أيحق لنا - إن ظلمنا - أن نتجرد من ثوابتنا ومبادئنا وأنسانيتنا كي نسترد بعضاً من حقوقنا أو كل حقوقنا المسلوبة؟
هل إن التفخيخ والتفجير الذي أخترعناه لقتل اليهود وأعداء الأمة والذين آل وباؤهما سرطاناً ينخر جسد أمتنا ..هل هو وسيلة صحيحة لجهادنا ومقاومتنا وهل يتماشيان مع أخلاق ديننا ومع أنسانيتنا ؟
هل إن القتل بالجملة وترك الجثث ملقاة بلا معالم مختلطة الأعمار والأجزاء والأجناس متساوية بالأوزار والذنوب والتبعات هي فعلاً مايريده الدين والأنسانية وما يجب لأثبات ولائنا لقوميتنا وقضيتها المقدسة؟
هل يكفي عذر بث الرعب في قلوب اليهود أن يقوم رجل بطعن شابة أو أمرأة غدراً وهو مالا يستسيغه دين ولا مروءة ومالايقوم به بنو العرب حتى قبل أن يغادروا جاهليتهم؟
أن منظر الطفل والمرأة والشيخ الذين يقفون بلا خوف ليرشقوا جنود المحتل بالحجارة لهو أكثر زهواً وأكبر فخراً وأنفع للقضية وأجدى من منظر شاب يحاول الفتك بأمرأةٍ أو مدني غافل أو شخص عاجز..
وهو أكثر بثاً للرعب في قلوب اليهود ومن حالفهم من غربيين ومن حكام عرب يتوقعون أن تقوم شعوبهم يوماً برشقهم كماترشق اليهود..
لكن كل هؤلاء نجحوا كما فعلوا على الدوام في أن يغيروا صورة الفدائي والمقاوم من ذلك البطل المضحي بدمه في سبيل مبادئه إلى صورة الغادر العديم الأنسانية الذي لايفرق بين أمرأةٍ ورجل أو طفل وكل همه القيام بجريمته وأشباع رغبته لسفك الدماء..
ونحن كما في كل مرة لانستطيع طرح أدنى تساؤل عما فيه مصلحتنا أو مصلحة قضيتنا لأن منا من لايعرف غير التطبيل والتزمير وطرح التهم وتعرية الناس من ولاءاتها

حمل تطبيق skypressiq على جوالك