Skip to main content

العبادي آخر النماذج الرئاسية الماحتة لإنفتاح السعودية على العراق

مقالات القراء الأربعاء 14 حزيران 2017 الساعة 12:11 مساءً (عدد المشاهدات 6369)

بغداد/سكاي برس:

باسم العوادي

سيقوم رئيس الوزاء حيدر العبادي،  بزيارة رسمية الى الرياض، في زيارة هي الاولى بعد قطيعة وتراجع العلاقات خلال السنوات الماضية بين البلدين الى مستويات خطيرة.

فقد حافظت السعودية على مزاجية خاصة في طريقة التعاطي مع العراق بعد عام 2003، فهي على العموم لم تدعم اي من النماذج التي وصلت الى السلطة وبالخصوص منها رئاسة الوزراء، فلم تندفع مع صديقها رئيس الوزراء الاول اياد علاوي، ولم تنسجم مع رئيس الوزراء الثاني إبراهيم الجعفري، ولم تطق تحمل رئيس الوزراء الثالث نوري المالكي، ولم تبادر للتفاعل بايجابية مع رئيس الوزراء الرابع حيدر العبادي، الا في المرحلة الاخيرة، وبين هذا وذاك حافظت على سياسية عدائية تجاه العراق وصلت في مقاطع منها الى تقديم دعم فعلي لجماعات مسلحة ارهابية او افراد من اجل الاضرار بالأمن العراقي، ناهيك عن استخذام هيمنتها الاعلامية العربية لتشويه صورة التجربة العراقية ووصفها باسوء النعوت والصفات السيئة ومحاولة افشالها اعلاميا في نظر المتلقي العراقي والعربي والى اليوم ولكن بدرجة مخففة، والاهم من كل ذلك هو تحريضها الطائفي واستخدامها للمذهبية الحادة في تصوير الوضع العراقي وطبيعة انعاكسه داخل المجتمعات العربية ذات الأغلبية السنية من خلال شيطنة الشيعة بأنظارهم دينيا وسياسيا.

لماذا ترفض السعودية النماذج الشيعية الرئاسية

أمام هذا الرفض السعودي وعلى مدار 14 سنة متتالية لاربع رؤساء وزارات بينهم اختلافات جذرية في طريقة الادارة، لابد ان يطرح السؤال التالي: مالذي تريده السعودية من العراق ، ومن هو رئيس الوزراء الذي تبحث عنه وما هي مواصفاته ، ولماذا تريده بهذه المواصفات؟.

هل تريد السعودية ان يأتي رئيس وزراء عراقي شيعي، يكون مطابقا لذوقها ومزاجها لكي تنفتح على العراق وتعتبر تجربتة رائده ولابد من الوقف معها؟.

هل تتبع السعودية الوسائل الدبلوماسية ومراكز الدراسات والابحاث الحيادية ومعلومات اقنية المخابرات والعلاقات الدولية في طريقة فهمها لرؤساء الحكومات الشيعة ، أم أنها تتعامل مع الموضوع بروح العاطفة والنزعة الطائفية فقط أو من خلال الاقاويل؟ ولعل هذا المعنى قد اشار اليه رئيس الوزراء العبادي في احد مؤتمراته الصحفية السابقة حينما طالب وزير الخارجية السعودية ان يأخذ معلوماته من المصادر الحكومية وليس من مصادر أخرى.

هل تفكر السعودية بان يخضع لها العراق سياسيا وأمنيا لكي تكون ممتنة في الانفتاح عليه وتوافق على تطوير العلاقات معه ؟.

هل تريد السعودية ان يتنكر العراق ورؤساء حكوماته لإيران رسميا لكي يحضون بجلب انتباهها، وهذا غير متوقع فالسعودية لم تقنع اصغر دول الخليج وهم البحرين وقطر والكويت بمثل هذه الامر، فكيف يمكن لها ان تتصور حصول مثل هذا الأمر في العراق ؟. 

والمفاهيم أعلاه لايمكن تصورها من دولة ذات دبلوماسية عريقة ومؤسسات بحثية ومخابراتية قوية مثل السعودية، لكن الغريب ان كل المشار اليه أعلاه قد حدث بالفعل وصدر من السعودية سياسيا وإعلاميا مطالبات مشابهة خارجة عن اطار الفهم والواقع السياسي الذي تتعامل به الدول مع بعضها وتغيليب لغة المصلحة العامة على العداوات والصداقات معا.

هل تتوقع السعودية واجهزتها المختصة بأنها كانت قادرة فعلا على اسقاط التجربة العراقية والعملية السياسية باستخدام الأقلية بالضد من الأغلبية بالرغم من كل التجارب السابقة التي اكدت فشل كل المحاولات المشابهة لهذا الموضوع؟.

ام أن هدف السعودية كان هو السعي لكسب الوقت ومحاولة تعويق وتأخير العراق أطول فرصة ممكنة لكي يتسنى لها أحداث خرق ما في المنطقة يمكن ان يؤدي الى تغيير عقارب المعادلات عندها يمكن تعديلاها باتجاه البوصلة الصحيحة؟. هذا المعنى متوقع وصحيح لأنه ناتج عن قراء ومنطق سياسي وان كان عدائي، لكن التساؤلات أعلاه لايمكن الاجابة عليها بنعم لانها بعيده عن سياسيات وفهم الدول للدول الأخرى، رغم ذلك كانت الكثير من الظواهر السعودية تؤكد على وجود مثل هذه التساؤلات مما يدلل على ان المزاجية العامة كانت هي الحاكمة تقريبا في تقرير طبيعة العلاقة مع العراق او مع رئيس وزرائه وكيفية فهمه سياسيا، وماذا يتوقع منه.

نموذج العبادي آخر النماذج المتاحة 

في ظل الواقع العراقي الحالي، أعني ظروف العراق منذ مابعد 2003 والى اليوم، لايمكن للعراق ان تقدم اكثر من نموذجي المالكي والعبادي في النظرة للملفات العربية والخليجية.

واذا ما كانت مصادر أمريكية وسعودية وصفت فترة المالكي الثانية تحديدا 10ـ 2014 بالإرتجالية والتسرع في التعاطي مع الملفات بدون ستراتيجية واضحة ومفهومة، فان نموذج العبادي الحالي هو الطرف المقابل الناتج عن التأني والتحمل ومحاولة التوازن والموازنة بين الداخل والخارج، سيكون آخر النماذج المحتملة، بمعنى انه لايمكن ان يكون هناج نموذج ثالث غير نموذجي المالكي والعبادي، واذا ما اعترضت السعودية على نموذج المالكي واتهمته بعدم الحياد او تفضيل سياسية المحاور الخارجية، فان تجربة العبادي الحالية قائمة على اساس الحياد الخارجي ورفض المحاور، وان التجربة القادمة ما بعد العبادي، ستكون أما اعادة صياغة المحاور ، او البقاء على سياسية التوازن ولو الهش.

وهذا ما يتطلب من السعودية ان تحدد مسارها على الاسس السياسية والدبلوماسية الواقعية في طريقة التعامل مع رؤساء الحكومات العراقية، وان تعطي اشارات ايجابية واضحة بهذا الصدد.

الرؤية الأخيرة

سيذهب العبادي الى الرياض، متسلحا بالحيادية، واذا ما كان العبادي قد ترك مسافه بينه وبين جارته إيران، فانه بالأولى سيترك مسافة ايضا مع السعودية، حيث لايمكن لمثله وهو الحذر والمتأني في خطواته ان يقترب من السعودية على حساب المحاور الاخرى، الا بمقدار اقتراب أو ابتعاد متوازن من الجميع.

وسيذهب العبادي للرياض وهو يختلف معها في ملفات كثيره في اليمن والبحرين وسوريا وحتى قطر وهو يتوقع منها فهماً قائماً على ثلاث أسس: الاول هو ان العلاقات قائمة على المصالح والمنافع، الثاني: ان لاتتوقع السعودية منه ان يكون معها على حساب الآخرين، والثالث: ان لاتتوقع السعودية اكثر من نموذجه المحايد في العراق، وان تتعامل معه على اساس المشتركات التي لابد ان تجمع البلدين الشقيقين الجارين.

واذا لم تنسجم السعودية مع نموذج العبادي في إدارة الدولة العراقية على وضعها الحالي ومشاكلها وتداخلاتها المعقدة، فهذا معناه أنها لا تعمل وفق قواعد الفهم المشترك لسياسيات الدول وتريد ان تفضل المزاجية والعاطفة وهذا ما لن تستطيع ان تحققه في العراق اطلاقا الا من خلال اجهاض التجربة السياسية الجديدة وهذا اصبح من المستحيلات السياسية وهي تفهم هذا المعنى جيدا. فيكون العبادي هو آخر النماذج المتاحة أمامها  لتطبيع العلاقات بين البلدين وتطوريها.

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك