Skip to main content

محللون أميركيون: ترامب جعل من واشنطن عاصمة لاسرائيل

تقاريـر الأربعاء 13 كانون أول 2017 الساعة 11:13 صباحاً (عدد المشاهدات 2636)

بغداد  /  متابعة سكاي برس

في 6 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، في خطاب شعبوي أمريكي إلى العالم، وكأنه صهيوني متعصب في برنامج تلفزيوني أمريكي محافظ، «القدس عاصمة (إسرائيل)».

ويرى محللون امريكيون إن إعلان مدينة عاصمة لبلد آخر من مكاني في عاصمة أخرى يجب أن يكون غريبا حتى من خلال معايير «ترامب» خصوصاً لو نظرنا بعين الاعتبار لحماسته ونبرة صوته بالخطاب.

ولم يمكن المشهد برمته ليصبح أكثر سخافة إذا كان «ترامب» قد أعلن أيضا واشنطن عاصمة لـ (إسرائيل).

اللوبي
وفي الواقع، هذا ما حدث. وفي 6 ديسمبر/كانون الأول، أعلن «ترامب» بصورة لا تقبل الجدل أن واشنطن هي الآن عاصمة لـ (إسرائيل). ولهذا، وكمثال على الموقف المستفز، بمجرد أن انتهى «ترامب» من خطابه، تم وضع أعلام إسرائيلية وأمريكية على أسوار المدينة القديمة في القدس.

ولا تفسر أي تحليلات لسياسة الشرق الأوسط ولا محور السياسة الخارجية في واشنطن أو التقييمات اللاهوتية العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، ومن الصعب أن نوضح بشكل مقنع شكل ومحتوى تلك العلاقة.

والتفسير الوحيد المتبقي هو قوة اللوبي الإسرائيلي (جماعات الضغط الإسرائيلية). ومع ذلك، يجب على المرء أن يحذر أثناء النظر في الأمر خوفا من نظريات المؤامرة.

ومع ذلك، فإن تأثير اللوبي على واشنطن وقدرته على تحريكها أمر حقيقي. وعندما ينظر إلى الأمر من هذا المنظور، فإن أداء «ترامب» في 6 ديسمبر/كانون الأول لم يكن سوى مأساة أمريكية أو خضوع أمريكي لإرادة جماعات الضغط الإسرائيلية.

أزمة عميقة
وتكمن مشكلة (إسرائيل) في صميم العديد من القضايا والأزمات في الشرق الأوسط. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تطغى مشكلة الولايات المتحدة على مشكلة (إسرائيل). إننا نمر - بالفعل - بأزمة عميقة في المنطقة، تشكلت جراء نوبات الاحتلال والهجمات الأمريكية والإسرائيلية على مدى عقود.

وكان الاحتلال الإسرائيلي والهجمات على غزة ولبنان والبعثات الأمريكية في أفغانستان والعراق مصادر جذرية للأزمات في المنطقة على مدى العقود السبعة الماضية. ولذلك، فإن إعلان «ترامب» بشأن القدس لا يختلف عن الخطوات التدخلية التي اتخذتها الإدارات الأمريكية السابقة، والتي لا تستند إلى استراتيجية متماسكة، ولا تقدم خارطة طريق مقنعة، من حيث السياسات الأمنية أو التخطيط الشامل للسياسات.

ولذلك، يجب النظر في قرار «ترامب» مقترنا بالقانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي خلال رئاسة «كلينتون» عام 1995 بوجوب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

وبالتالي، من الصعب أن نختلف مع الرأي القائل بأن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط أصبحت متناقضة. وإذا ما تذكرنا حجم التسونامي الذي أصاب عائلة «بوش» في العراق، ثم ما تبعها من الكوارث التي تسببت فيها سياسات «أوباما» في مصر والعراق وسوريا، يمكن أن نقول إن «ترامب» يحذو عن كثب حذو الإدارات السابقة.

ولعل العقلية الأمريكية والتدخل الأمريكي في الشرق الأوسط هو مصدر المشكلة. فإذا نظرنا بواقعية، سوف نلاحظ أنه لا يوجد تفسير منطقي لكون هذه السياسات، ولا سيما بخصوص (إسرائيل)، لم تخدم أبدا المصالح الأمريكية.

وفي هذا التوقيت، ليس من الصعب التنبؤ بما قد يحدث بعد ذلك. سوف يؤيد كل من الديمقراطيين والجمهوريين - الذين صوتوا بالإجماع بمجموع 90 صوتا مقابل صفر في يونيو/حزيران الماضي لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس - هذا القرار، لسببين لا علاقة لهما بـ«ترامب». أولا، اللامبالاة، كما هو الحال مع غزو العراق، والمأساة الإنسانية في سوريا.

وثانيا، يفضل أنصار العزلة الأمريكية إثارة الغضب العالمي على مواجهة اللوبي الإسرائيلي وقوته. ومع ذلك، يبقى إيجاد وبناء عاصمة لـ (إسرائيل) - التي تعيش جسديا في الشرق الأوسط ولكن عقليا في واشنطن - أمرا غير ذي أهمية. والدولة التي تطمح إلى مصادرة القدس، العاصمة المشتركة لجميع الديانات الإبراهيمية، لابد وأن تكون خالية من الحكمة والتفكير السليم.

وسنكون مخطئين لكي نطمح من (إسرائيل) - وهي كيان يتشبث بمكانته كمحتل وأحلامه في أرض يحتلها على مدى نصف قرن من الزمن - أن تتبع أي نوع من المنطق.

وبالتالي، فإن كل ما تعمل عليه (إسرائيل) هو نتيجة تلقائية لمحاولتها الإبقاء على الاحتلال وحماية المكاسب الماضية. ومع هذه الخطوة الأخيرة، قد تكون (إسرائيل) قد حصلت على مبتغاها على المدى القصير من «ترامب». إلا أن (إسرائيل) قد لا يكون لها مستقبل مشرق مع ترامب، وهو أقل رئيس أميركي شعبية على الإطلاق، والذي لا يمكن اعتباره «شبكة أمان».

لا مزيد من أمريكا أولا
وتضرر أيضا شعار «ترامب» في حملته الانتخابية والذي تدور حوله استراتيجيته هذه الأيام، ألا وهو شعار «أمريكا أولا». لأنه لم يعد أحد في الفريق حوله «يعمل لصالح أمريكا» الآن. وقد تم اتهام كل من صهره - رئيس الحملة - ومستشار الأمن القومي السابق بالعمل لصالح بلدان أخرى. وفي وسط الحطام الذي خلفته قنبلة قرار «ترامب»، لا نعرف بعد ما إذا كان ترامب نفسه سيواجه اتهاما مماثلا.

ويمكننا القول إن قرار «ترامب» بشأن القدس - الذي من المحتمل أن يؤدي إلى تأثير الدومينو - لم يكشف فقط عن اللاعقلانية في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ولكنه يوضح أيضا كيف أن اللوبي الإسرائيلي يوجه السياسة الأمريكية.

وطالما أن الوجود القوي ضد ترامب في الولايات المتحدة لا يواجه هذا الواقع الصارخ، سنستمر في سماع أنه ترامب وحده فقط من اتخذ القرار بشأن القدس.

ومع ذلك، فإن الذين عانوا كثيرا في الشرق الأوسط، لن يضحكون إلا بابتسامة ساخرة على وجوههم، حول فكرة أن قزم - يعاني من الإسلاموفوبيا - في واشنطن يمكنه تحديد مصير القدس.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة