Skip to main content

أغتيال حُلم

مقالات الاثنين 30 تشرين أول 2017 الساعة 17:57 مساءً (عدد المشاهدات 3259)

بقلم:رشيد زنكَنة.....
هل من متفائل حقيقي بوجود الدولة الكوردية؟
وهل المتمسّكون بهذا الحلم مقتنعون بأن من الممكن تحقيقه في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية؟وقد كانت متباينة في الاتجاه مختلفة في الرؤى.
وهل هناك روح باقية في جسد هذا الحلم الذي غرقنا فيه منذ ان رأت اعيننا الجبال الشاهقة تحيط بنا، تخترق قممها قلب السحاب تبدو للناظر كأنها تلامس السماء جبال شمّاء، تعمّم هاماتها سحب دهماء، لا تخلف الظنّ أبدا،وعلى الرغم من قناعاتنا المترسخة بأن هذا الحلم لابد ان يتحقق يوما عاجلا ام اجلا وانه شاخص امامنا شخوص جبالنا الرواسي.وما هو قائم اليوم سيتغير غدا لان ما افرزته نتائج تصويت نحو 3.5 ملايين كردي في إلاقليم أدلوا بأصواتهم في استفتاء تحقيقاً لذلك الحلم الذي طال انتظاره.كانت كفيلة باحياء ذلك الامل الكبير فحين تصبح الامنيات قطعة جمر تحرق كل من يقترب من حماها، وتغدو قمم الجبال صحاري تيه لا دليل فيها، حين يكون كل هذا فأعلم انك على مقربة من تحقيق حلم دولة كردستان.
هنا في هذه البقعة من ألارض كان للحياة طعم مختلف، وللقول إيقاع مغاير، فكل شيء له طقوسه الخاصة الجميلة، الماء والدبكات والجبل وأحاديث الوردات للنهر، جميعها تمنحك الشعور بالاختلاف عن سائر تفاصيل الأماكن. في هذه البقعة التي كانت منسية وضائعة تائهة بين اليابسة والماء بين الحجر والمدر ثم أصبحت الخبر الرئيسي في كل نشرات اﻷخبار، يخنقك الصمت ويجبرك على تعلم الخوف من الكلام، تنسى أنك دخلت عالم القراءة والكتابة لتقول ولو كلمة تنصف كل تلك الاماكن الحية،
ارادوا لنا أن نكون بلا وعي، بلا عقل بلا ذاكرة بلا روح وبلا إنسانية، فمنذ عقود خلت كانت الكلمة تعود على قائلها بالبلاء، وعلى ناطق الحرف بالكارثة، وعليه أن نقتلع لساننا بيدينا، الفكر تهمة توصلك للتخلي عن رأسك. التفكير جريمة يعاقبك عليها كل من حولك،
على مدى السنوات العجاف راحت مدننا تنزف شبابنا، فلم تعد قادراً على أن تعثر على أحد من هؤلاء، فلقد اختفى معظمهم، فمن لم يقتل اعتقل ومن لم يعتقل فرَّ هارباً بروحه وبرأسه، تبعثر كل هؤلاء في أنحاء اﻷرض باحثين عن فسحة من حلم او امل مفقود، وبقيت رقتهم تبكي ذكراهم كل حين. وإن تبقى أحد منهم، فقد التزم صمته وبيته حتى بدون خير. خلف الحدود. خلف البحار، ملايين العيون التي ما تزال تشخص مذعورةً نحو أرضٍ إمّا فشلت باحتضان أبنائها، فراحوا يهيمون بحثاً عن حياة بديلة تضمن لهم الأمل بالعودة يوماً،ام هم فشلوا باحتواها او الانتماء اليها والعيش بها بسلام وامان فرحلوا دون أن يتركوا خلفهم شيئاً، مكتفين اليوم بما استثمروه من دماء ضحايا لا يعرفونهم، لكّنهم لم يبخلوا بجهد يدفعهم إلى الموت لتكون دماؤهم مصدراً لأمانٍ ينعمون فيه مع أولادهم في الأوطان البديلة.!
تحت اقدامنا هنا تشم أشلاء ودماء ضحايا قُدّموا كقرابين لأحلامهم أنّها أسمى قيمةً من الإنسان. ضحايا أدركوا، وحدهم، الحقيقة لحظة كانوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة. وسط كلّ ذلك يعيش من أخطأتهم الحرب، من الفقراء، بقايا حياةٍ مكلومة، لا يملكون فيها، بعد العضّ على جراحهم النّازفة، غير الحلم. حلمٌ مستحيلٌ، لكنّهم يقتاتونه تجنّباً لشعورهم بالذنب إزاء إنجابهم أطفالاً في زمن المقتلة.
حلمٌ يرون فيه أنّ ما حدث كان ثمناً لبناء وطن حقيقيّ سيعيش فيه أبناؤهم وأحفادهم حياةً يفاخرون فيها بإنسانيتهم. وطنٌ لن تبنيه سوا الدماء إنّهم يحلمون بوطنٍ يبنونه بعرقهم بعدما رووه بدماء أولادهم. وطنٌ يمنحهم هذا الحقّ باعتبارهم اهل الارض.
مهما يكن مستحيلاً، غير أنّه حلمٌ مشروع لأولئك الذين لم يملكوا غير فقرهم وارضهم.
لهم أن يحلموا بأن يُنجبَ أبناؤهم أولاداً لا يخافون مستقبلهم. لهم أن يحلموا بأن ينتموا إلى وطنٍ له اسمٌ مجرّدٌ وتحده الحدود الامنه، اسمٌ واحدٌ تمتلك حروفه القدرة على أن تكون خيمة تظّلل مساحة الوطن كاملة. لهم أن يحلموا بأنهم لن يكونوا بعد اليوم مواطنون من الدرجة الثانية، ولن يكونوا شعباً مشتتا بارجاء المعمورة، بل مواطنين. مواطنون فقط. مواطنون دفعوا أعمارهم ودماء أبنائهم ثمناً لحلمٍ يبدو مستحيلاً، لكنّه، دون شك، حلمٌ مشروع.
لاننا نعتبر انفسنا "أكبر شعب بلا وطن"رغم وجودنا على تلك الارض منذ الازل؟ أن حلمنا بدولة اسمها "كردستان" مازال قائما.لانه شاخصا امام الاعين وخيانة كبيرة منا في حق كُردستان إن صدّقنا كذبة اننا عراقيين فقط، وحمقٌ منا إن رددنا تلك الكذوبة.

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك