Skip to main content

العراق على على نار هادئة (الحكم الملكي) الملك غازي-ج2

مقالات الثلاثاء 12 تموز 2016 الساعة 15:27 مساءً (عدد المشاهدات 2507)

بقلم:سمير الربيعي...

المقالة ليست سلسلة في الخوض بتاريح العراق الحديث بقدر ماهي تسليط الضوء على جانب من سيرة حكام وشخصيات اثرة في مسيرة ونهضة العراق الحديث لما كان لها من دور بارز في الحياة السياسية.

غازي بن فيصل الأول بن الشريف حسين الهاشمي (1912 - 1939) ثاني ملوك العراق. حكم من 1933 ولغاية 1939. ولد في مكة الواقعة ضمن ممالك وولايات الدولة العثمانية، الإبن الأكبر للملك فيصل الأول.

سمّي ولياً للعهد عام 1924 وتولى الحكم وهو شاب يتراوح عمره 23 عاما ثم ملكا لعرش العراق عام 1933 لذا كان بحاجة للخبرة السياسية التي استعاض عنها بمجموعة من المستشارين من الضباط والساسة الوطنيين

وفي سنة 1928م؛ التحق بالكلية العسكرية،وقُبِلَ فيها على أنه أحد أبناء العشائر، لأنه لم تكن لديه مؤهلات علمية. انسجم مع الدراسة العسكرية، وحصل على تقدير مدرسيه وزملائه، فنال احترامهم لما كان يتمتع به من تواضع وأخلاق عالية وكرم أصيل وروح عسكرية متوقدة، وتخرج في تموز 1932 تخرّج برتبة ملازم في سلاح الفرسان ـ السّواري ـ، وعاد إلى بغداد، فعهد إليه والده بالحكم نيابة عنه طوال غيابه سنة 1933، وكان ذلك أوَّل عملٍ رسمي يمارسه، وأوصاه باتباعن صائح علي جودت، رئيس الديوان، بحذافيرها، وعدم الخروج عن مشورته مطلقاً، ولذلك كان علي جودت الحاكم الحقيقي للعراق في السنوات الأولى من حكم الملك غازي، ولاسيماأن غازياً لم يكن يعير أمور الحكم تلك الأهمية التي تستحقها، خلافاً لأبيه وعمه عبدالله

كان الملك غازي ذو ميول قومية عربية كونه عاش تجربة فريدة في طفولته حيث كان شاهدا على وحدة الأقاليم العربية إبان الحكم العثماني قبل تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الوطن العربي إلى بلدان تحت النفوذ إما البريطاني أو الفرنسي. ناهض النفوذ البريطاني في العراق وأعتبره عقبة لبناء الدولة العراقية الفتية وتنميتها، وأعتبره المسؤول عن نهب ثرواته النفطية والآثارية المكتشفة حديثاً، لذلك ظهرت في عهده بوادر التقارب مع حكومة هتلر قبل الحرب العالمية الثانية

يقول جيمس موريس: «إن الملك غازياً كان

أول ملك هاشمي لايحب الإنكليز، ولم يكن يحمل أدنى شعور بالصداقة لهم، ولذلك كان من

أكثر الملوك الهاشميين شعبية في قلوب الجماهير.».

شهد عهده صراع بين المدنيين والعسكريين من الذين ينتمون إلى تيارين متنازعين داخل الوزارة العراقية، تيار مؤيد للنفوذ البريطاني وتيار وطني ينادي بالتحرر من ذلك النفوذ حيث كان كل طرف يسعى إلى الهيمنة على مقاليد السياسة في العراق.فوقف الملك غازي إلى جانب التيار المناهض للهيمنة البريطانية حيث ساند انقلاب بكر صدقي وهو أول انقلاب عسكري في الوطن العربي، كما قرب الساسة والضباط الوطنيين إلى البلاط الملكي فعين الشخصية الوطنية المعروفة (رئيس الوزراء لاحقاً) رشيد عالي الكيلاني باشا رئيسا للديوان الملكي.

في يوم 18 سبتمبر 1933، أعلنت خطوبته وعقد قرانه على ابنة عمه عالية بنت علي بن حسين بن علي الهاشمي، وفي مساء يوم 25 يناير عام 1934 تم الزفاف. ورزق بإبنه الوحيد فيصل يوم 2 مارس 1935.

 لقد عاصر الملك غازي أحداثا عصفت بأوربا قبل الحرب العالمية الثانية منها ضم المانيا للنمسا, وكذلك ضم اقليم " السوديت "  

  العائد الى جيكسلوفاكيا لكون السكان في هذا الاقليم يتحدوثون الالمانية ولأنهم من الجنس الالماني فأثارت فيهم رغبة الانضمام الى الوطن الأم المانيا, فعبر الجنود الألمان الحدود في أول أكتوبر/تشرين الأول 1938. كما طالبت بولندا بمدينة  " تشن " من جيكسلوفاكيا. أما الايطاليون فقد هتفوا في مجلس النواب ( تونس- كوستريكا- جيبوتي )).

ولعل هذه المطالبات قد حفزت الرغبة عند الملك غازي بالمطالبة بالكويت على أساس أنها جزء من أراض العراق وكانت تتبع للبصرة في العهد العثماني.

أو ربما ورث المطالبة بالكويت من أبيه الملك فيصل الأول أبن الشريف حسين عام 1922, عندما عمل على ارساء أول دولة حديثة في العراق, وتأسيس جيش وطني, بعدها شجع رئيس وزرائه ياسين الهاشمي عام 1924 بالمطالبة بعودة الكويت للعراق.

العوامل التي أفشلت مشروع الملك غازي بضم الكويت.:

 موقف رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد الموالي لللبريطانيين, وقد وقف بوجه الملك غازي, وقد اشار العدساني في مذكراته الذي حمل نوري السعيد مسؤولية اخفاق الملك غازي في قضية الكويت, ويقول " وقف نوري السعيد في طريق المتحمسين, يخوفهم تارة من عواقب الحركة المندفعة, ويمني الملك غازي بأن قضية الكويت من السهل حلها ولكن بالدبلوماسية السلمية مع الانكليز بدلا من الحركات العسكرية المجهولة النتائج" ).

 الانزعاج البريطاني من تصرفات الملك غازي الذي ألب الشباب الكويتي من خلال اذاعة قصر الزهور, حيث خلق معارضة فاعلة في الكويت تنوي بالإطاحة بحكم آل الصباح. وقد تعرض الملك غازي لضغوط من الانكليز يساندهم نوري السعيد في وقف بث اذاعة قصر الزهور, وقد تم فعلا وقف الاذاعة و قررعدم التعامل مع البرقيات المرسلة له بهذا الخصوص. ثم توفي بعد اسابيع قليلة من وقف بث الاذاعة بحادث اصطدام سيارته بعمود كهرباء في منطقة الحارثية حيث يقع قصر الزهور. وقد وجه الاتهام في حينها الى الانكليز والى نوري السعيد, فانطلقت المظاهرات في العراق تندد بالحادث, وقتل المتظاهرون القنصل البريطاني في الموصل.

وهكدا أسدل الستار على أول عملية ضم للكويت عن طريق التدخل العسكري, قادها شاب قليل الخبرة والتجربة أمام حدث جسيم كهذا, 

وفاته...

توفي في حادث سيارة (غامض) في 4 أبريل سنة 1939 عندما كان يقود سيارته فاصطدمت بأحد الأعمدة الكهربائية، أدلت زوجته الملكة عالية بشهادتها أمام مجلس الوزراء بأنه أوصاها في حالة وفاته بتسمية الأمير عبدالإله (شقيقها) وصيا على إبنه فيصل.

هناك الكثير من التكهنات حول وفاته بسبب بعض الدلائل التي تشير إلى وجود من يحاول التخلص منه بسبب تقربه من حكومة هتلر ضد الإنجليز ذوي النفوذ الواسع في العراق، ومنها التناقض بين تصريحات الأطباء الذين عاينوا الجثة وبين تقرير اللجنة الطبية الخاص بوفاته والذي كان برئاسة الطبيب البريطاني سندرسن، ومنها أيضا إصابته المباشرة في خلف الرأس بآلة حادة وهو يقود سيارته في حين أعلن رسميا بأن سبب الوفاة كان جراء اصطدام سيارة الملك بعمود كهرباء، يرى الدكتور صائب شوكت الطبيب العراقي ان الضربة ليست بعمود كهرباء كما ان الصور عن سيارة الملك بعد الاصطدام حجبت تماما و التي بينت بان الإصطدام من جهة اليمين في حين كان الملك جالسا في جهة اليسار و اختفاء خادم الملك عبد سعيد بعد الحادث , كمااشار اللواء فؤاد عارف وكان قبل الحادث بفترة مرافقا للملك بانه كان يرسل مفرزة حراسة في الطريق الذي جرى فيه الحادث الا انه بعد نقله من الحرس الملكي لم يتم ذلك . وتشير الوثائق البريطانية المعلنة حديثاً إلى وجود مراسلات خاصة بين السفير البريطاني في بغداد يومئذ السير موريس بيترسون والحكومة البريطانية حول ضرورة التخلص من الملك غازي وتنصيب الأمير زيد بن علي بدلا عنه بسبب وجوده كحجر عثرة أمام تنفيذ السياسة البريطانية في العراق والذي ينعكس على الوضع في الشرق الأوسط والوطن العربي لما للمملكة العراقية من وزن مؤثر في السياسة العربية والدولية في المنطقة بسبب التكوين الحديث لبعض الدول العربية والبعض الآخر الذي كان لا زال يرزح تحت الاحتلال في ظل ظروف الإحتقان الدولي الناجم عن توسع نفوذ الدكتاتوريات النازية والفاشية واليابانية في العالم عشية الحرب العالمية الثانية ولم ينكر السير موريس بيترسون ذلك في مذكراته إذ قال ان الملك غازي يجب ان يبعد وقد كان في طريقة إلى اسبانيا عندما وقع الحادث.

وفي مذكرات كل من العقيد صلاح الدين الصباغ ورئيس المجلس العرفي العسكري عبد العزيز ياملكي ووزير الداخلية حينها ناجي شوكت يشيرون جميعا فيها الى ان الحادث امر دبر بليل وان جهات اجنبية وشخصيات عراقية مهمة هي وراء حادث الاغتيال . كذلك شهادات بعض المقربين للملك لاحقا مثل طياره الخاص حفظي عزيز ومرافقة فؤاد عارف يؤكدون الموضوع نفسه وان للسفارة البريطانية والوصي عبد الاله ونوري السعيد اليد الطولى في الموضوع. .

 ====================================================

--------المصادر------------------------------------------------------------------------------

1-لا تبحثوا عن سر مصرع الملك غازي- نجدت فتحي صفوت.

2- عبدالرزاق الحسني،( تاريخ العراق السياسي الحديث)3 جزء

3 - جرالد دي غوري، ثالثة ملوك في بغداد

4 - ستيفن همسلي لونكريكك،العراق الحديث من سنة 1211 -1251 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك