Skip to main content

العراق...حدود الدم؟

مقالات الثلاثاء 05 نيسان 2016 الساعة 13:43 مساءً (عدد المشاهدات 1194)

بقلم:سميرالربيعي...

يوما بعد يوم تتضح الصورة الكاملة للأهداف الأميركية حين اختارت إدارة الرئيسان “ريغان وبُوش الاب والابن” العراق دون غيره من أنظمة المنطقة كقاعدة محتلة لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير وفقا لتوصيات مجموعة عمل اليمين اليهودي منذ عام 1983. حينذاك كانت أميركا تدفع بالعراق إلى مواصلة حربه الضروس مع إيران وتدعم الأخيرة بذات الوقت وتقدم المساعدات لها (ولعل فضيحة إيران جيت ليست بعيده عن الذاكرة و تأكيدا لدورها المشبوه) حيث بلغت تكلفة هذه الحرب وفق بعض التقارير أربعمائة مليار دولار أوصلت خزينة العراق الغني للإفلاس،والظغط على جيرانه الخليجيين بالمساعدة تارة والقرض تاره اخرى.

وبالعودة الى بريجنسكي، مستشار الامن القومي الاميركي الاسبق نذكر بأنه صرح في العام 1991، والحرب العراقية الايرانية في أوجها «ان المعضلة التي ستعانيها الولايات المتحدة من الآن وصاعدا هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب بين العراق وايران، وتستطيع اميركا، من خلالها، تصحيح حدود «سايكس بيكو».

عقب هذا التصريح، وبتكليف من وزارة الدفاع الاميركية، بدأ المؤرخ الصهيوني الاميركي برنارد لويس وضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية  كل منها على حدة، ومنها العراق وسوريا

وكانتا تلك الدولتين هما المرشحتا للتفتيت، وذلك بوحي من مضمون تصريح بريجنسكي الذي دعا الى تصحيح حدود سايكس بيكو، بما يتناسب مع المصالح الاميركية الصهيونية. وفي العام 1983، اقر الكونغرس الاميركي بالإجماع، في جلسة سرية، «مشروع لويس»، وتمّ بذلك تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الاميركية الاستراتيجية للسنوات المقبلة. وقد أرفق لويس خرائط تقسيم الدول، بهذا المشروع.

اذن لم ولم يتم اختيار العراق لأن نظامه غزا الكويت .

 فمخططات تفتيت وتقسيم العراق ليست وليدة اليوم وانما هي سائرة بنا منذ سنين وما اوصل بها البلاد ليس سوى جزء من عملية إنضاج التقسيم، هذا المشروع الذي كان في مراحله التحضيرية منذ سنوات عدة يقضي بخلق قوس من عدم الاستقرار، والفوضى، والعنف، يمتد من لبنان الى فلسطين وسوريا والعراق،

ولا ننسى الخريطة التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قبل أيام لمخطط تقسيم عدة دول في المنطقة من بينها العراق، تماما كما كانت تنشر خرائط تقسيم السودان قبل أن يقع تقسيمه الفعلي بعشرات السنين ولا يكاد يصدق أحد أن هذا سيحدث.  

وقد نشرت تقريراً لصحيفة الديار اللبنانية من باريس عن محاضرة للسفير الأميركي الأسبق في لبنان ريتشارد باركر قال فيها "إن الرئيس جورج بوش سيعمل خلال الفترة المتبقية من ولايته الرئاسية على وضع أسس ثابتة لمشاريع "خرائط طرق" لمنطقة الشرق الأوسط تنطلق من تطلعات القسم الأكبر من ممثلي الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي تتمحور كلها حول ضرورة منح الحكم الذاتي لهذه الأقليات عبر إقامة أنظمة حكم ديمقراطية فدرالية بديلة للأوطان والحكومات القائمة الآن". أما بالنسبة للعراق فيقول التقرير إن "العراق الفدرالي" سوف يتم ضمه (أو ربما ضم بعضه) إلى صيغة كونفدرالية، تحت عنوان "الاتحاد الهاشمي"، تتألف من الأردن أيضًا والسلطة الفلسطينية، وقد بدأ يتضح الآن المقصود بما قاله ريتشارد باركر .

وكان مجلس الشيوخ الامريكي  حينها حيث أكثرية ديموقراطية، على قرار غير ملزم لادارة الرئيس بوش ألابن يدعو الى تقسيم العراق. حصل القرار على خمسة وسبعين صوتا في مقابل ثلاثة وعشرين عضوا من أعضاء المجلس صوتوا ضدّه. وقف وراء القرار السناتور الديموقراطي ذو النفوذ «جوزف بيدن». والقرار ثمرة دراسة أعدها السناتور «بيدن» مع «ليزلي غلب» الذي كان الى ما قبل فترة قصيرة رئيس مجلس العلاقات الخارجية الذي يعتبر من أبرز المراكز المساهمة في صنع القرار الأميركي من خارج المؤسسات الرسمية. وسبق «لليسلي غلب» أن عمل مع أدارة الرئيس كارتر قبل انتقاله الى مؤسسات للدراسات كان مجلس العلاقات الخارجية من بينها. لم تعد هناك مخاوف من تفتيت وتقسيم العراق الأمر تجاوز المخاوف ليصبح واقعا يتم رسم خطوطه وخرائطه الأخيرة التي سيتم فرضها على الجميع.

في25/11/2003 طرح الصهيوني ليزلي غلب فكرة تقسيم العراق رسمياً في مقالة في صحيفة نيويورك تايمز تحمل عنوان "حل الثلاث دول"، وبالتعاون معه تبنى جوزيف بايدن صيغة مخففة منها (كونفدرالية ضعيفة)، بتأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وفي 1/5/2006 نشرت النيويورك تايمز مقالة تحمل عنوان "الوحدة من خلال الحكم الذاتي". وفي 10/ 8 / 2006 ذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن خطة بيكر هاملتون تقوم في أحد بنودها على تقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية. وعبر اللوبي الصهيوني ومن ثم المحافظين الجدد، أصبح تقسيم العراق بشكل أو بآخر مشروعاً ديمقراطياً وجمهورياً في الولايات المتحدة حتى أن السيناتورة كاي بايلي هاتشنسون تقول على موقعها على الإنترنت إن تقسيم العراق "سينجح في وقف العنف مثلما نجح تقسيم يوغسلافيا في وقف العنف فيها" نتحدث بوضوح عن مشروع تفكيك إذن، وهذا المشروع ينبع من اعتبارات استراتيجية، لأن الكيان الصهيوني وقوى الهيمنة الخارجية لن تعرف الراحة ولا الأمن حتى

مشروع الاحتلال الأميركي للعراق كان هدفا إستراتيجيا رتبت له أغطية فنية وسياسية ودبلوماسية، حيث تخلت روسيا عن العراق رغم ما قدمه لها من مكاسب اقتصادية هائلة.

هذا الكلام يستند في الواقع الى مجموعة وثائق معززة بخرائط مرسومة بعناية، نشرت في مواقع اميركية رسمية (موقع armedforces journal.com بصورة خاصة) التابع للجيش الاميركي، بتوقيع رالف بيترز بعنوان «كيف يمكن قيام شرق أوسط افضل؟» والوثيقة تتسارع الى القول بأن «الشرق الأوسط» المقصود هو «الشرق الاوسط الكبير»

السوأل الذي يفرض نفسه الان وبقوةهل العراق قابل للتقسيم؟ الأرجح أنه قابل للتفتيت.وربما الاضمحلال؟

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة