Skip to main content

من يدير السلطة الحكومة ام الاسلاميون؟؟؟

مقالات الاثنين 28 أيلول 2015 الساعة 14:22 مساءً (عدد المشاهدات 1526)

سليم الحسني

ذات ليلة دخلت منزله فكان معه ضيف عرّفني عليه بأنه الأستاذ كريم اليعقوبي صهر الشيخ محمد اليعقوبي. بعد فترة من الحديث، عرف الضيف أنني في طريقي الى بغداد للعمل مستشاراً إعلامياً لرئيس الوزراء، فبادرني بطلب غريب من دون مقدمات.

قال: لقد سمعنا ان الكويت أعطت الدكتور الجعفري (أربعة ملايين دولار) ونريد منك ان تتحدث معه حتى يعطينا منها مليون دولار.

بهذه الطريقة المباشرة، وبهذا الأسلوب المكشوف، أراد صهر الشيخ اليعقوبي وأحد أهم مقربيه، مليون دولار من الجعفري، مشيراً الى ان ذلك سيجعل حزب الفضيلة يدعم الجعفري ويقف معه.

كنت في صدمة الطلب الغريب، أحاول صياغة جملة في ذهني للرد عليه، لكن الدكتور الركابي بادره بنبرة حادة:

ـ كيف يكون ذلك؟ هذه شؤون حكومية وقوانين والتزامات دولة، هل الجعفري رئيس عشيرة حتى يمد يده في جيبه ويعطي الأموال هكذا؟. هذا طلب مخالف لسياقات القانون والدولة والعرف.

لم يأخذ صهر اليعقوبي الكلام على نحو الإدانة، رغم وضوح العبارات ومعناها التي سمعها من الركابي، فعاد يقول:

ـ لكنه حصل على أربعة ملايين دولار، فماذا يفعل بها كلها؟، ليعطنا مليون واحد فقط.

قلت له: إنك تطلب طلباً غريباً، إن صرف الأموال في الدول لا يجري هكذا، إنما وفق صيغ قانونية وإجراءات محددة، وهناك مجلس وزراء ووزارات متخصصة، فالاموال ليست في منزل رئيس الوزراء يتصرف بها حسب رأيه.

انتقل الضيف بالحديث الى شأن آخر بعد ان وجد ان محاولته الأولى فشلت أو بحسب قناعته أن محدثيه لا يستوعبون مقاصده. لكن انتقالته كانت أكثر غرابة من السابقة.

لقد كان يعرف أن الدكتور مصطفى الركابي له علاقات مع مسؤولين وشركات ورجال اعمال إيرانيين، ويبدو ان زيارته لمنزله كانت لهذا الغرض للاستفادة من علاقاته وخبرته، فطرح عليه مشكلة وزارة النفط العراقية، حيث قال السيد (كريم اليعقوبي): 

ـ إن وزارة النفط حصلنا عليها بعد مفاوضات مطولة، واخترنا لها الدكتور إبراهيم بحر العلوم، لكن الوزير بحر العلوم لا يتعاون معنا في الحصول على عقود وصفقات، ولذلك قررنا استبداله بشخص آخر يُسهّل اعمالنا، وقد قررنا ذلك وبدأنا بافتعال مشاكل معه حتى نقيله من منصبه.

قاطعه الدكتور الركابي بالقول: إن ترشيحكم للدكتور بحر العلوم لتولي وزارة النفط، لا يعني أن وزارة النفط صارت ملكاً لحزب الفضيلة، وان الوزير صار يعمل عند حزب الفضيلة. فالرجل متخصص في مجال عمله ويلتزم بالأصول والمقررات الإدارية، وهناك مجلس وزراء وصادرات وعائدات ووزارة مالية وشوؤن أخرى.. القضية ليست دكان بقالة يبيع ويقبض ثمن مبيعاته.

والدكتور الركابي معروف بصراحته المباشرة، وشجاعته في الطرح والتعبير عن رأيه ببيان واضح مفهوم لسامعه.

طلب السيد كريم اليعقوبي مشورته حول ما يمكن عمله في هذه الحالة للإستفادة من حصة حزب الفضيلة في التشكيلة الوزارية أي امتلاكها وزارة النفط.

فتحدث له (أبو سحر) عن الطرق القانونية والضوابط والإجراءات المعمول بها حسب خبرته في هذه الإجراءات وتفاصيلها، وعن السياق القانوني والرسمي المألوف بين الشركات والجهات الحكومية فيما يتعلق بإيران، وهي سياقات متعارف عليها في كل الدول باختلاف في التفاصيل. واختتم كلامه بأن أي مشروع تجاري يجب ان يكون ملتزماً وخاضعاً للقانون، ولا حاجة لسلوك الطرق غير القانونية، فهي ستنكشف بالتأكيد ذات يوم وتتعرضون للمساءلة القانونية، بينما الطريق الأصولي يضمن الفائدة المرجوة، وعلى هذا تعمل الشركات في العالم، وان قوة الشركات التجارية في سمعتها ودقتها.

وفيما يشرح الدكتور مصطفى الركابي هذه التفاصيل، كنت ألمح إشراقات الفرحة تتوهج على ملامح السيد (كريم اليعقوبي)، وقد أدركت لحظتها أنه كان يبحث عن الثغرات التي يمكن ان يمرق من خلالها نحو هدفه، وليس الاستفادة من خبرة محدثه والتعرف على سير العمل اصولياً وقانونياً.

انتهى الكلام، فاخرج اليعقوبي هاتفه الجوال من جيبه، واجرى اتصالاً مع بغداد، قال فيه: أوقفوا تأزمكم مع الدكتور بحر العلوم.. لا تطرحوا قضية إخراجه من وزارة النفط الآن.. سأنهي زيارتي واعود بسرعة فقد استجدت عندي أمور مهمة، وسأتوجه الى سماحة الشيخ اليعقوبي مباشرة. 

أنهى المكالمة التي كان يكرر فيها التوصية بتجميد المشكلة المفتعلة مع الدكتور بحر العلوم، وبأن عليهم إخبار الشيخ محمد اليعقوبي بأنه سيتوجه للقائه فور عودته. وكان وهج الأمل والتخطيط المخفي قد أغرقه باشراقات المستقبل الواعد، كانت عيناه تبرقان بفرحة الفوز بأمر ثمين. وقد كان ثميناً بالفعل عندما عاد الى العراق.

حين يدخل حزب الفضيلة في مفاوضات تشكيل الحكومة أو في تحالفات سياسية، فانه يضع شرط الحصول على مكافأة مالية نقدية بملايين الدولارات، بحسب طبيعة الموضوع محل النقاش. وفي بعض الحالات يعتبرون ان المبلغ المطلوب هو بمثابة أجور الدخول في المفاوضات. قد تبدو الصورة مضحكة او غير معقولة، لكنها حقيقة واقعة حدثت وتحدث وستحدث.

ويستخدم حزب الفضيلة وثيقة (الشروط العشرة) وهي ورقة يجب ان يوقع عليها المسؤول أو الوزير الذي يمنحونه المنصب الحكومي، ومن ضمن هذه الشروط أن يتعهد بتوفير مبالغ مالية محددة بملايين الدولارات حسب طبيعية المنصب، تكون ملكاً صرفاً للحزب، وان يمنحه العقود والصفقات، وما الى ذلك من شروط يتحول فيها المنصب الحكومي الى شركة تابعة لكتلة الفضيلة.

ليست هذه المعلومات خافية عن الكتل السياسية الأخرى، إنها تعرف ذلك فقد جرت المفاوضات والاتفاقات على هذا الأساس.. يعرف ذلك المجلس الأعلى والتيار الصدري ودولة القانون وكتلة المستقلين والقوى السنية والقوى الكردية، تعرف كل هذه الجهات طريقة حزب الفضيلة، لكن لا أحد من القادة أو الأعضاء يكشف ذلك للشعب العراقي، لأن كشف مثل هذه الأمور يعني خيانة عظمى لتحالف المفسدين الذين يحكمون العراق. 

تكاد منصات المؤتمرات الصحفية تتحطم من شدة الشعارات الوطنية والمبادئ التى تطرح عليها.. شعارات ثقيلة الوزن قاطعة الحدة في الدفاع عن حقوق المواطن والوطن!

لقد شعرت كتلة الفضيلة بالإحباط الكبير لأن مشروعها في قانون الأحوال الشخصية الجعفري، واجه معارضة من مراجع الدين ومن بعض الكيانات السياسية!. كان الإحباط كبيراً بسبب عدم احترام معارضي القانون، للتشيع وفقه أهل البيت عليهم السلام!.

يطلب بعض القراء الكرام، ان امتنع عن الكتابة لأن مقالاتي تساهم في اضعاف الكتل الشيعية.

سؤالي لمن يعنيه الأمر: هل هؤلاء الذين تسلموا المسؤوليات الكبرى في الدولة، فعاثوا فيها فساداً وسرقة، يمثلون الشيعة؟.. وهل في تعاليم الإسلام واحكامه ما يشير الى وجوب السكوت على الفساد والمفسدين؟.

سأكون في غاية الشكر والامتنان لو قدم لي أي شخص من أي طائفة او دين، دليلاً شرعياً أو عقلياً أو أخلاقياً يدعو الى التوقف عن هذه المقالات، بدعوى أن ما اكتبه يشكل مفسدة بحق المواطن والوطن، وبحق المذهب والدين، وبحق القيم والأخلاق.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة