Skip to main content

العمامة والطاووس... الثورة تنحصر تحت عمائم الآيات والملالي.

مقالات السبت 13 شباط 2016 الساعة 16:48 مساءً (عدد المشاهدات 1293)

بزوغ الثورة وتمكين الجمهورية الإسلامية..

بقلم :سمير الربيعي...

وبعد مرور37 عامًا منذ انتصار الثورة التي قادها الامام الخميني  ، لايزال  الإيرانيون على عهدهم مرتدين عباءته، متمسكين بمبادئ ثورته؟ رغم  مستجدات الأحداث في المنطقة ؟ وفي ظل الصراع الدولي والمواءمات السياسية، وبقاء إيران حلقةً غامضة غير مستقرة، خاصةً في ظل سعيها المستمر لاكتساب الطاقة عبر النشاط النووي. شكلت عودة الإمام آية الله الخميني في الأول من فبراير/ شباط 1979 إلى إيران من منفاه في فرنسا نقطة فارقة في المسار السياسي للدولة الإيرانية.بصورة عامة والمنطقة بصورة خاصة.فهي قلبت الموازين بما لها من أهمية استراتيجية هائلة،

حطت طائرة  الخميني في طهران، ورائد الطائرة بنفسه. ممسك بيده.وكان في استقباله في المطار ستة ملايين شخص،وأحاطت هذه الجموع بالرجل ذي الثمانين عامًا، وكاد الحب يقتله، فاستقل طائرةهليكوبتر ليكمل رحلته فوق رؤوس البشر الذين احتشدوا لاستقباله. ومع قدومه ذابتالدولة وسلطتها وحكومتها أمام شخصيته، وانضمت بعض وحدات الجيش إلى المستقبلين.

الطاووس..ملك الملوك...  سجل التاريخ أن نظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي وصل إلى السلطة سنة 1941 خلفاً لوالده المعزول كان واحدا من أكثر الأنظمة الحاكمة فساداً في زمنه، ورغم قوته إلا أنه تعرض في عام 1953 لمحاولة انقلاب لم تكتمل قام بها رئيس وزرائه محمد مصدق، إذ قُضي عليها في عملية سرية للاستخبارات الأميركية عُرفت باسم عملية «آجاكس» أُطيح فيها بحكومة مصدق وتم اعتقاله لإعادة الشاه إلى عرشه بعد أن فر إلى الخارج لشهور.

وشهدت إيران طوال 38 عاماً على يد الشاه محمد بهلوي صنوفاً من الاستبداد والفساد السياسي والمالي، ففقراء البلد الغني بالنفط ظلوا لسنوات يعانون الفقر والقحط والجفاف بينما أموال البلاد يبذرها الشاه ويلقي بها يميناً ويساراً دون حساب لأي شيء.

في تشرين الأول/أكتوبر 1967، أعلن محمد رضا شاه بهلوي نفسه ملك الملوك (امبراطور إيران)، وزوجته الثالثة فرح ديبا إمبراطورة (شهبانو)، الأمر الذي زاد من السخط الاجتماعي. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر 1971،

وكانت سياسات الشاه تغضب شعبه واحدة تلو الأخرى فالرجل الذي تسانده أميركا وصل إلى درجة من الغرور التي جعلته لا يشعر بأن سياساته تستفز شعباً أتعبه الفقر وأذله الاستبداد، حتى أنه أقام في أكتوبر من عام 1971 احتفالات ضخمة بمناسبة مرور 2500 عام على إنشاء الإمبراطورية الفارسية، لمدة 3 سنوات، قدم فيها طناً من «الكافيار» لمئات الشخصيات الأجنبية والعربية، أنفقت فيها إيران نحو 40 مليون دولار، في أقل التقديرات بينما كان يعاني أبناء البلد فقراً قاتلاً.

ارهاصات الثورة...

المعارضة الإيرانية في 1963، لتتحرك ضد برنامج الإصلاحات الذي أعلنه الشاه، والمعروف باسم "الثورة البيضاء"، ورغم فشل هذه الثورة ووضع الخميني تحت الإقامة الجبرية مدة 8 شهور، إلا أنه عاود التحرك مرة أخرى، حتى ألقي القبض عليه، وتم نفيه خارج إيران في 1964.ومن منفاه، راح الخميني يعمل على تحريك خلاياه داخل المجتمع ليقود ثورة جديدة ضد حكم الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي. بدأت جذور الثورة الإيرانية مع نشاط روح الله الخميني، الذي قاد خذت الثورة الإيرانية معظم الناس على حين غرة . فقد كانت الحكومات والجماهير تكتفي بأن تنظر إلى هذا البلد على أنه " جزيرة من الإستقرار " وسط منطقة يشوبها العنف وتتسم بالتفجر - وذلك هو الوصف الذي استعمله الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر " . وعلى ذلك فإن الإضطرابات التي أدت إلى إقصاء الشاه عن عرشه ، وقيام نظام إسلامي بعده بقيادة عدوه اللدود " آية الله الخميني " ،

ورغم أن المظاهرات كانت في البداية عفوية، فإنها بدأت تنتظم بسرعة واستغلت جميع المناسبات الدينية (أربعين مقتل أحد الناشطين، أو رمضان أو العيد) للتحضير والتنظيم للمظاهرات والإضرابات قبل إطلاقها بأيام عديدة، وتم تطبيق الإضرابات العامة والعصيان المدني على نطاق واسع جعل الدولة برمتها غير خاضعة لسيطرة النظام، وهو ما حرم الشاه (ورئيس وزارئه بختيار لاحقاً) من أهم الدعائم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعتمد عليها.

كما شملت الإضرابات -التي أطلقتها الثورة- معظم المؤسسات الكبرى كالنفط والطاقة والنقليات، ولم يستطيع الشاه سجن العمال لأنه كان بحاجة لعملهم، أرسل الشاه الجيش لإجبار العمال على العودة للعمل لكنهم بعد مرور مدة قصيرة كانوا يبدؤون إضراباً جديداً وهكذا. وفي آخر أيام الثورة، نجحت الحركات المسلحة في القضاء على محاولات الجيش الإمبراطوري السيطرة على الحكم، غير أنه أدى إلى سقوط عدد كبير جداً من الضحايا، (من مئات إلى آلاف)، فاق أي مرحلة من مراحل الثورة السلمية خلال يومين فقط.

الشاه يغادر إيران...  السقوط تحت أقدام الثورة.

كان الشاه رضا بهلوي قد ترك البلاد في منتصف كانون الثاني/ يناير عام 1979. يأتي ذلك بعد مؤتمر غوادلوب الذي فقد فيه دعم أهم رؤساء الدول والحكومات الغربية الذين قرروا التخلي عنه وإجراء محادثات مع الخميني. وقد قدّم الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر للشاه فرصة الإقامة في الولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى. وهو ما قبله الشاه في نهاية المطاف.

رئيس الحكومة في عزلة... حاول الشاه في يناير/ كانون الثاني 1979 احتواء ثورة الإسلاميين داخل إيران فعين بختيار رئيسا للوزراء، فانتزعت منه عضوية حزب إيران. وأثناء توليه منصبه الجديد حاول أن يقوم ببعض الإصلاحات الداخلية ففكك "السافاك" (البوليس السري) وأطلق سراح المعتقلين السياسيين وأعطى ترخيصا للعديد من الصحف المعارضة.

وصرح بختيار عقب تعيينه رئيسا للوزراء أن الإمام خوميني لو أنه يريد أن يحكم فهذا أمر مرفوض إلا أنه لو أراد حقيبة وزارية كالخارجية مثلا فهناك مجال للحديث.

لكن كل تلك الجهود توقفت بعد عودة آية الله روح الله الخميني من منفاه في فرنسا في الأول من فبراير/ شباط 1979، وبالرغم من الشعبية الكبيرة التي كانت للإمام الخميني فإن بختيار ظل على موقفه المعارض لتلك الثورة التي يعتبرها مناهضة للمفاهيم الليبرالية والعلمانية الغربية التي كان يؤمن بها.

انهارت حكومة بختيار بسرعة بسبب الخلافات التي دبت بينه وبين قادة الثورة الإسلامية، فاختفى عن الأنظار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا في أبريل/ نيسان من العام نفسه، وهناك أسس حركة المقاومة الوطنية في المنفى.ليتعرض لمحاولة اغتيال نجى في الاولى وفي الثانية لقي حتفه. عودة الامام من منفاه... في 1 فبراير/شباط 1979، عاد الخميني إلى طهران ووعد بـ"ركل أسنان حكومة بختيار لقلعها"، وعين مهدي باذرخان مؤقتا رئيسا للوزراء.

وبعد عودة الخميني بدأت الصحف تهلل بانتصار الثورة وعودة الإمام الخميني مرة أخرى، وفي 11 فبراير/شباط 1979 أعلن الخميني من طهران انتصار الثورة الإسلامية في إيران والتي بدأ الشعب الإيراني العمل على نهجها حتى الآن. <!--[if !supportLineBreakNewLine]--> <!--[endif]-->

خطاب حماسي في مقبرة "جنة الزهراء"

لدى وصوله إلى طهران أكد الخميني بأنه لا يعترف بحكومة بختيار. وفي كلمته في مقبرة "جنة الزهراء" أكد أمام مئات آلاف الإيرانيين أن نظام الشاه والبرلمان غير شرعيين وأنه سيعيين بنفسه الحكومة الجديدة. لقى الإمام الخميني خطاباً شاملاً في جمع من علماء الدين، قال في جانب منه:"إنّ النظام الملكي كان مخالفاً للعقل منذ البداية... على كلّ شعب أن يقرّر مصيره بنفسه".

وأضاف الإمام: "إنّ جميع مصائبنا هي من أمريكا والاتحاد السوفياتي وانكلترا". 2 شباط/ فبراير 1979م، أ

من جهته تابع رئيس وزراء الشاه شاهبور بختيار هجومه على الثورة والإمام والشعب قائلاً: "بإمكان أنصار آية الله الخميني أن يهتفوا ويحدثوا الضجيج ويوجّهوا الإهانات، وهذا لا يؤدّي إلى شيء، أمّا مجيء عدّة ملايين شخص إلى طهران بغية استقبال آية الله فهو أمر مبالغ فيه". وأضاف: "لا أزال راغباً في مقابلته ( يقصد الإمام).

ونقلت وكالة الآسوشيتدبرس عن قادة في الجيش الايراني إنّهم "سيتدخّلون فيما إذا أقدم آية الله الخميني على شيء يخالف الدستور".

أما إذاعة موسكو بثت خبراً عن تظاهرة قام بها الجامعيون الإيرانيون المقيمون في أمريكا أمام البيت الأبيض احتجاجاً على التدخّل الأمريكي في شؤون إيران الداخلية.

إلى ذلك استمرات المواجهات بين الشعب المنتفض لكرامته وحريته ودينه وجيش الشاه استشهد هلالها عدد من أبناء الشعب المتظاهرين في بعض محافظات البلاد من بينها (سمنان) و (تربت جام).

هذا ونفذت مجموعة من الفدائيين عملية اغتيل في العاصمة الايرانية طهران بحق العقيد معتمدي أحد كبار ضبّاط السافاك. سقوط اخر بقايا الشاه...   في هذا اليوم سقطت حكومة بختيار العسكرية بأمر الإمام وتمت السيطرة على الكثير من مناطق طهران بواسطة المتظاهرين. ونتيجة تمادي قوات نظام الشاه باستخدام القوة المفرطة بحق الشعب وعمليات القتل الجماعي هدد الإمام الخميني بأنه سيصدر حكم الجهاد. وتزامن هذا مع اصدار اول إعلان لجيش الشعب واشتدت المواجهة بين الشعب وقوات النظام التي استخدمت كافة انواع الاسلحة لثني الناس عن الاستمرار لكن عزيمة الشعب كانت اقوى مستمدا قوته من قائده الذي اصدر بيانا اعلن فيها قيام الحكومة العسكرية ولتقترب ساعة النصر.

رئيس لحكومة انتقالية...

صبح بازركان بعد الثورة الإسلامية في إيران عضوًا في البرلمان الإيراني. وفي 5 شباط عام 1979 أعلن الخميني عن تكليف بازركان بتشكيل حكومة مؤقتة وذلك خلفًا لرئيس الحكومة السابق شابور بختيار الذي عيّنه الشاه قبل سقوط حكمه. حاول بازركان التوسط بين شابور بختيار وبين الخميني بالتدرج من الحكم السابق ومؤسساته إلى نظام الجمهورية الإسلامية الجديد، لكن الخميني رفض هذه الوساطة، وكلف بازركان بتشكيل حكومة جديدة. كان الهدف من اختيار الخميني لبازركان استمالة القوى الليبرالية في إيران، وأنه لن يؤسس نظامًا ثؤوقراطيًّا، وكي يُبدّد مخاوف الشيوعيين من ذلك.

سرعان ما أخفق بازركان في مساعيه بعد أن أعلن رئيس أركان الجيش الإيراني عن موقف محايد من الصراع الدائر بين بختيار والخميني. نجح بازركان في إيجاد مخبأ لبختيار، وسهّل له وسيلة الهرب إلى فرنسا. نشأت بعد ذلك بفترة وجيزة خلافات بين حكومة بازركان وبين علماء الدين وبشكلٍ أساسي مع الخميني. عارض بازركان إقامة مجلس استشاري مكون من كبار رجال الدين الشيعة، وهي الهيئة التي تختار القائد الأعلى وتشرف على أعماله. كما احتج بازركان على تطهير الجيش من العناصر غير الموالية للثورة الإسلامية الذي قام به الخميني وأنصارُه. لكن الخميني صمّ أذنيه عن هذه المعارضة.

تلا هذا الفشل لبازركان إخفاق آخر في الاستفتاء الذي أجري عام 1979 حين صوَّت 98 من الإيرانيين تأييدًا لإقامة جمهورية إسلامية في إيران. وفي فبراير 1979 وبعد خلع حكومة شابور بختيار رئيس الوزراء، تأسست حكومة مؤقتة بقيادة مهدي بازركان الذي سعى إلى تأسيس الديمقراطية الإسلامية القومية مع حكومة موالية لسياسة السوق الاقتصادي الحر ولكنها عارضت رغبات آية الله الخميني وجماعته المؤيدة للجمهورية الإسلامية، فاستقالت حكومة بازركان وبشكل جماعي في نوفمبر 1979 مباشرة بعد أن استولى الطلبة الإيرانيون على السفارة الأمريكية. الشعب يحتفل بإسقاط الشاه...

بعد تعيين بازركان رئيسا لحكومة مؤقتة، خرج مجددا الكثيرون إلى الشوارع للتعبير عن تأييدهم لهذه الحكومة. وقد أكد الجيش حينها بأنه لن يتدخل في الصراع على السلطة. وبهذا فقد بختيار، الذي كان عينه قبلها الشاه رئيسا لحكومة مؤقتة، كل دعم أو تأييد، ووجد نفسه مجبرا على الهرب بعد أن حاول عدد من أتباع الخميني المسلحين مداهمة منزله. وفي نيسان/ أبريل عام 1979 غادر بختيار إيران ليعيش كلاجئ في فرنسا.

العودة منتصرًا...الامام يعلن شروطه...

رفض الخميني أية حلول وسط مع حكومة "شاهبور بختيار" الجديدة، ورفع شعار "لا"  ليكون شعار الثورة، واستمرت الاضطرابات والمظاهرات العارمة التي قضت على قدرة بختيار على التأثير في الأحداث، وأعلن الخميني أنه سيرفض أية حكومة طالما بقي الشاه، وأنه لني قبل إلا سقوط نظام الشاه وإقامة جمهورية إسلامية، وأمام ذلك غادر الشاه إيران في 7 يناير 1979م] إلى القاهرة بعدما استولى هو وأسرته على مئاتالملايين من الدولارات من البنوك.

وفي 1فبراير 1979م] وصل الخميني إلى طهران، وكان في استقباله في المطار ستة ملايينشخص،وأحاطت هذه الجموع بالرجل ذي الثمانين عامًا، وكاد الحب يقتله، فاستقل طائرةهليكوبتر ليكمل رحلته فوق رؤوس البشر الذين احتشدوا لاستقباله. ومع قدومه ذابت الدولة وسلطتها وحكومتها أمام شخصيته، وانضمت بعض وحدات الجيش إلى المتظاهرين،وأعلن عدم شرعية حكومة شاهبور بختيار، وعين "مهدي بازركان" رئيسًا للوزراء،فأعلن بختيار الحكم العسكري، فرد عليه الخميني بإعلان العصيان المدني، وكتب ورقة نُقلت صورتها على شاشة التلفاز الذي استولى عليه أنصاره، فيها: "تحدوا حظرالتجول" فتدفق الشعب إلى الشارع، وتصاعدت حدة المواجهات، واستولى المتظاهرونعلى كميات كبيرة من أسلحة الجيش، فجاء القائد الأعلى للقوات المسلحةالجنرالقرباغي إلى الخميني وأعلن استسلامه وحياد الجيش في المواجهات التي تحدث في المدنبين مؤيدي النظامين، وعادت القوات العسكرية إلى مواقعها، وأعلن الخميني قيامالجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعدما استمرت الثورة عامًا كاملاً سقط خلاله أكثرمن (76) ألف قتيل، وفر شاهبور بختيار إلى خارج إيران.

من الثورة للدولة...

بدأت الخلافات تظهر بين الخميني وبازركان حول مفهوم الجمهورية حيث تمسك الخميني بالاقتراع على الجمهورية الإسلامية فقط، واستطاع علماء الدين الشيعة اختراق جميع مؤسسات الدولة، ولم يصبح أمام بازركان مجال للمنافسة معهم، وأصر الخميني أن تكون رئاسة الدولة تحت ولاية الفقيه ومنح الدستور هذا الفقيه سلطات مطلقة، وأمام هذا الأمر استقال بازركان بعد شهور من قيام الثورة.

وتوترت علاقة إيران الإسلامية بالولايات المتحدة بعد احتجاز أكثر من خمسين رهينة أمريكية داخل السفارة الأمريكية في طهران، وكان ذلك سببا في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ابو الحسن بني صدر...رئءس بلا سلطات.

اختارالامام  الخميني أبو الحسن بني صدر رئيسا للجمهورية الإسلامية، حيث حصل أبو الحسن على أعلى الأصوات في انتخابات الرئاسة، حكم بني صدر البلاد قرابة 17 شهرا فقد أدى اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية الإسلامية في كانون الثاني/يناير 1980.

منع الخميني علماء الدين من دخول الحكومة أو التدخل المباشر في إدارة شؤون الحكم الجديد في إيران، ويقال إن الخميني اختار بني صدر لطمأنة الرأي العام العالمي بشأن نظام الحكم الجديد في إيران.

لكن بني صدر ظل رئيسا دون سلطات أو بالأحرى بسلطات مقيدة برضا المرجعيات الدينية ومجلس الثورة الذي كان يسيطر على مؤسسة الدولة الحيوية، مثل الجيش والشرطة والقضاء والإذاعة والتلفزيون والبنك المركزي وغيرها.

اصطدمت توجهات بني صدر الليبرالية مع التوجهات الدينية لعلماء الدين الذين قادوا الثورة، وكانت بدايات الخلاف كما يقول أنصاره عندما رفض إعدام المعارضين للثورة من أنصار الشاه.

حاول بني صدر احتواء الأزمة التي نشبت بين العراق وإيران حتى لا تتسبب باندلاع حرب، إلا أن الأمور سارت بسرعة مفاجئة حيث اجتاحت القوات العراقية الحدود الإيرانية واحتلت مساحات منها.

في هذه الأثناء كان بني صدر يسعى لتعزيز موقعه داخل النظام الناشئ في البلاد فأرسل رسالة للخميني باعتباره المرشد الأعلى للثورة يطالبه فيها بحل مجلس الثورة ومجلس القضاء الأعلى وتشكيل حكومة جديدة كوسيلة لإنقاذ البلاد من التدهور السياسي والاقتصادي الذي وصلت إليه، كانت تلك الرسالة القشة التي قصمت ظهر بعير العلاقة بين الرجلين، فبعد أيام قليلة من رسالة بني صدر قرر الخميني عزل حليفه السابق من منصبه وذلك يوم 27 أيار/مايو 1981.

لم يقف الأمر عند حدود العزل بل إن الخميني اتهم بني صدر بالخيانة واعتبره مسؤولا عن إعاقة عمل القوات المسلحة لصد الهجوم العراقي، وبموجب قرار الخميني عزل بني صدر من جميع مناصبه، وأصبح مدانا وسط جو ثوري مشحون، فخشي بني صدر على حياته التي أصبحت مهددة.

بعد هذا الخلاف توارى بني صدر عن الأنظار وصدر أمر بمنعه من مغادرة البلاد، تم التصويت على عزله وانتخب محمد علي رجائي رئيسا للبلاد. أزمة الرهائن الأمريكيون... وكر التجسس” -«الذي وصفه الامام الخميني بالثورة الثانية»

خلال سنوات النفي، طور آية الله الخميني مشاعر معادية للولايات المتحدة. وبعد الثورة مباشرة، أملت حكومة بازارغان بـ (إعادة) إقامة روابط دبلوماسية قوية مع الولايات المتحدة، ويعود ذلك جزئياً إلى الحاجة إلى الأسلحة. غير أن المشاعر المعادية للولايات المتحدة تزايدت بعد سقوط الشاه، واستمر الخميني نفسه بخطابه المعادي للولايات المتحدة.

بلغت المشاعر المعادية للولايات المتحدة ذروتها بعد السماح للشاه بدخول الولايات المتحدة للخضوع لعلاج طبي في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1980. وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر، قامت مجموعة من الشباب الثوريين، دعوا أنفسهم “الطلبة أتباع خط الإمام”، باقتحام السفارة الأمريكية مطالبين بتسليم الشاه إلى إيران. وكانت عملية الاقتحام هذه بداية أزمة الرهائن التي دامت 444 يوماً. مداولات الإدارة الاميركية حول الأزمة...

بعد انقطاع الاتصالات بين واشنطن وسفارتها في طهران قررّ مجلس الامن القومي ارسال وفد مكون من شخصين هما راس كلارك وويليام ميللر الى طهران , ولكن طهران رفضت استقبالهما, فأصدر كارتر قراراً بأن يبقى الرجلان في بلد قريب من إيران مثل تركيا , حتى يتمكنا بسرعة من التوجه الى ايران في حال غيرّ الخميني رأيه.

مطالب زعيم الثورة...

1-   تسليم الشاه لإيران لمحاكمته عن جرائمه السابقة

2-   مصادرة أرصدة الشاه في الولايات المتحدة الاميركية

3-   اعتذار اميركا علانية عن الاخطاء التي ارتكبتها في حق ايران في الماضي.

يوم 24 أبريل 1980م بدأت القوات المسلحة الأمريكية عملية من أجل تحرير الرهائن، وعددهم 52 شخصا، بموافقة من الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر، حيث تم تكليف فرقة القوات (دلتا) بالمهمة والتي كانت إحدى المهام الأولى لهذه الفرقة.

تم إرسال 8 طائرات هيليكوبتر أمريكية على متنها مجموعة من جنود القوات الخاصة لكن 5 منها فقط وصلت لمنطقة الهبوط بسبب مشاكل تقنية وجوية.

تم إرسال طلب من القيادة العسكرية إلى الرئيس الأمريكي للموافقة على إلغاءها وهو ما تم بالفعل. ويرجع ذلك إلى أنه أثناء التخطيط للعملية تم اعتبار وجود 6 طائرات سليمة بكامل طاقتها هو الحد الأدنى المطلوب لتنفيذ العملية، وهو ما لم يتوفر.

أثناء مغادرة القوات الأمريكية اصطدمت إحدى طائرات الهيليكوبتر الأمريكية بطائرة نقل تحمل جنود خدمات ووقود طائرات مما أدى لاشتعال النيران في كلتا الطائرتين ووفاة 8 من جنود الخدمات.

وكان الفشل العلني المحرج لهذه الغارة التي أطلق عليها اسم عملية «مخلب النسر» وصمة عار لإدارة كارتر

فشل المهمة أظهر الولايات المتحدة الأمريكية بصورة غاية في السوء أمام العالم وكان أحد أسباب خسارة جيمي كارتر لانتخابات 1980م الرئاسية لصالح رونالد ريجان.وفي النهاية قام الإيرانيون بتحرير الرهائن في يوم تقليد ريغان مراسم السلطة بعد مضي 444 يوماً على احتجازهم.

محاولة انقلابية فاشلة...

في تموز/يوليو 1980، اجتمع زبيغنيو برزينسكي مستشار الأمن القومي بالحسين بن طلال ملك الأردن في عمّان لمناقشة خطط مفصلة يرعى من خلالها الرئيس العراقي صدام حسين تقديم انقلاب في إيران ضد الخميني. الحسين بن طلال الذي كان أقرب حلفاء صدام في العالم العربي، أدى دور الوسيط أثناء التخطيط، الغزو العراقي لإيران سيكون تلبية لدعوة من الضباط الإيرانيين الموالين الذين يخططون لانقلاب أو انتفاضة في 9 تموز/يوليو 1980 (في عملية أطلق عليها اسم: "نوجة"، تيمناً باسم قاعدة جوية في همذان.

تم تنظيم الضباط الإيرانين بواسطة بختيار شابور الذي فر إلى فرنسا بعد تسلم الخميني السلطة، لكنه كان يدير العمليات من بغداد والسليمانية في الوقت الذي تم في اللقاء بين زبيغنيو والحسين بن طلال، على أي حال فقد تسربت أنباء الخطة إلى الخميني عن طريق عملاء سوفييت في فرنسا وباكستان وأمريكا اللاتينية، وسرعان ماتمكن الرئيس الإيراني الحسن بني صدر من تطويق قرابة 600 من الضباط وأعدم كثيراً منهم، واضعاً نهاية حاسمة لخطة نوجة للانقلاب. قرر صدام إتمام المخطط بدون معونة الضباط الإيرانيين، فيبدأ بذلك حرباً ضروساً دامت 8 سنوات عجاف حصدت أكثر من مليون قتيل ولم تبق ولم تذر.

تأثير ما بعد الثورة...

يتفق معظم المراقبين على أن للثورة الإيرانية تراث مختلط.

دولياً ينظر إلى الثورة الإيرانية على أنها المسؤولة عن بدء حقبة الأصولية الخمينية، من حزب الله إلى تنظيم القاعدة إلى الجماعات الجهادية المتنوعة.

في إيران لقيت بعض أهداف الثورة العامة (خصوصاً القضاء على العلمانية والنفوذ الاميركي في الحكومة) نجاحات معقولة. في حين أن أهداف أخرى (مثل زيادة الحرية السياسية والمساواة الاقتصادية والاكتفاء الذاتي وتثقيف الجماهير، والنزاهة والفعالية والكفاءة في إدارة الحكومة) لم تلاق مصيراً مشابهاً.

التذمر من الاستبداد والفساد الذي انتشر في عهد الشاه وحاشيته يوجه الآن ضد "الملالي في إيران"، الخوف من البوليس السري السافاك حل محله الخوف من الحرس الثوري، على الرغم من بروز درجة من التمثيل الحكومي والانتخابات الديمقراطية في مرحلة ما بعد الثورة من حيث الهيكل السياسي، لكن البعض يتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان في النظام الديني تزيد عما كان يحصل في عهد الملكية. التعذيب والسجن للمخالفين، وقتل كبار النقاد أمر شائع، بالإضافة على سوء وضع المرأة، واضطهاد الأقليات، وخاصة أتباع المذهب البهائي، الذي أعلن أنه بدعة. تم إعدام أكثر من 200 من أعضاء الطائفة البهائية وسجن آخرون في حين حرم الآلاف من فرص العمل، والمعاشات التقاعدية، والأعمال، وفرص التعليم.

لم يزدهر الاقتصاد الإيراني، الاعتماد على صادرات النفط لايزال طاغيا، دخل الفرد يتقلب مع سعر برميل النفط الذي انخفض إلى ربع ما كان عليه في عهد الشاه، وارتفعت البطالة بين السكان من الشباب.

نظام الالتحاق بالغرب أو التأثير الغربي ما زال يصعب إزالته، فهو يرجع من خلال الموسيقى والأفلام والفضائيات، لقد ساهمت الثورة في عزل إيران عن العالم، فنفيت من العالم الرأسمالي والعالم الشيوعي على حد سواء، محاطة بالعقوبات الاقتصادية التجارية من الولايات المتحدة الأمريكية وهي عقوبات ما زالت مستمرة حتى هذا اليوم الذي تستعد في الدولتان لحلقة جديدة من المواجهات على خلفية البرنامج النووي الإيراني.

منذ الثورة تطور النظام السياسي الداخلي، منذ سنة 1997، مع مستوى مرتفع نسبياً (مقارنة بالمنطقة) من استخدام إلى الإنترنت حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت نحو 7.5 مليون وهو أمر يجعل من الصعب وقف هذا التطور الداخلي المستمر من الفكر السياسي والتنظيمي، ولكن الحكومة تعمل بدأب على حجب المواقع الإلكترونية السياسية والتحاليل الإخبارية الداخلية والخارجية.ومع مرور الوقت كسبت إيران الكثير من النجاحاتالسياسية و الاقتصادية و العلمية و اصبحت من الدول القوية في العالم -----------------------------------------------------------------------------------------

-------------------------------------------------------------

 

في ما يلي ابرز المحطات.ايران من الثورة الى الدولة :

الخميس ( 1/2/1979 )

في هذا اليوم عاد الامام الخميني الى ايران حاملا معه الانتصار التاريخي، وسط استقبال شعبي مليوني قله نظيره في التاريخ ثم القى خطبة في مطار مهرآباد الدولي، واخرى في مقبرة جنة الزهراء (ع) حيث مراقد الاف شهداء الثورة.

الجمعة ( 2/2/1979 )

في هذا اليوم وصلت رسائل استقبال وترحيب من كبار علماء الدين في قم بمناسبة عودة الإمام الخميني الى البلاد كما جرى اعدام (انقلاب معتمدي) أحد أكبر رجال الأمن في الحكومة التابعة للشاه، كما قام الامام بتعيين اعضاء مجلس شورى الثورة في وقت عمت في الاحتفالات كافة المناطق احتفالا بعودة مفجر الثورة.

الاحد ( 4/2/1979 )

يوم الاحد استقال محافظ بلدية طهران، كما شهدت العاصمة البريطانية لندن تظاهرة طلابية دعما للامام الخميني الذي اصدر قرارا بتعيين (بني صدر) رئيسا للجمهورية وتعيين محافظ لمدينة طهران وقسم من من اعضاء مجلس الشورى الوطني. في وقت اعلنت فيه شهبور بختيار انه لن يسمح للامام بتشكيل دولة مؤقتة.

الاثنين ( 5/2/1979 )

في الخامس من شباط عام تسعة وسبعين القي القبض على عدد من كبار قادة حكومة الشاه، في وقت دعا فيه الامام لاستمرار التظاهرات في الشوارع دعما للثورة ما دفع رئيس الاستخبارات الاميركية للاعتراف صراحة بأنهم خسروا في ايران.

الثلاثاء ( 6/2/1979)

في هذا اليوم أمر الامام الخميني بتشكيل تجمع تشخيص مصلحة النظام، وتولى مهدي بازركان حكم البلاد بطلب من الإمام الذي طالب من الشعب أن يعطي رأيه  في حكومة بازركان. كما اعلن الضباط الايرانييون المتقاعدون حمايتهم للإمام الخميني

الاربعاء ( 7/2/1979 )

تواصلت فصول ايام الثورة حيث التقى الإمام بعدد من العسكريين. وواصل بازركان القيام بمهامه في حين اعلنت اميركا انها لا تعترف بغير بختيار كرئيس لإيران. وفي هذا اليوم اعلن الإمام الخميني بأن استمرار الثورة وحمايتها تكليف شرعي واجب.

الخميس ( 8/2/1979 )

شهدت هذا اليوم اعترافا ليبيا رسميا بحكومة بازركان، وقام معمر القذافي بارسال تهنئة الى الامام الخميني، كما اعلنت القوة الجوية الايرانية حمايتها للثورة واصبح هذا يوما للقوة الجوية وبدأ بازركان عقد البدء في عقد اتفاقيات مع الجيش.

السبت ( 10/2/1979 )

في هذا اليوم سقطت حكومة بختيار العسكرية بأمر الإمام وتمت السيطرة على الكثير من مناطق طهران بواسطة الشعب. ونتيجة تمادي قوات نظام الشاه باستخدام القوة المفرطة بحق الشعب وعمليات القتل الجماعي هدد الإمام الخميني بأنه سيصدر حكم الجهاد. وتزامن هذا مع اصدار اول إعلان لجيش الشعب واشتدت المواجهة بين الشعب وقوات النظام التي استخدمت كافة انواع الاسلحة لثني الناس عن الاستمرار لكن عزيمة الشعب كانت اقوى مستمدا قوته من قائده الذي اصدر بيانا اعلن فيها قيام الحكومة العسكرية ولتقترب ساعة النصر.

الاحد ( 11/2/1979 )

هذا اليوم ادخل ايران وشعبها التاريخ حيث اعلن انتصار الثورة الاسلامية وسقوط نظام الشاه الذي دام 2500 سنة بفضل صمود وعزيمة وتضحيات الشعب الايراني ومن خلف قيادة الثورة الحكيمة بقيادة الامام الخميني، وبعد اعلان انتصار الثورة خرجت الناس في تظاهرات مليونية اعتبرت بمثابة استفتاء للشعب على الجمهورية الاسلامية وبيعة الشعب للإمام الخميني كما تجمع مسلحون امام بيت الامام لحمايتة من اعداء الداخل والخارج.

واليوم تتواصل فصول الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخامنئي ولعل ما وصلت اليه اليوم من قوة عسكرية واقتصادية، وبات له دور ريادي في المنطقة والعالم ما هو إلا من بركات هذة الثورة، وما الضغوط التي تتعرض لها ايران اليوم على كافة الصعيد ما هي إلا تأكيد على ان الثورة حققت ولا زالت تحقق الاهداف والشعارات التي رفعها قائده ومطلقا

----------------------------------------------------------------------------------

 

------------------------------------------------------------------------------المصادر------------------------------- 1 - الثورة الاسلامية في ايران: انجازات وتحديات:ابراهيم عبدالله. 2 - الموقع الالكتروني لقناة المنار. 3- مدافع آية الله: قصة إيران والثورة: محمد حسنين هيكل. 4 – تاريخ ايران الحديثة:مؤلف الكتاب إرفند إبراهيميان، 5- إيران من الداخل: فهمي هويدي, 6 - جريدة السفير البيروتية:إيران: منذ انتصار الثورة الإسلامية إلى اليوم. 7 - الحرب الخفية:التاريخ السري لصراع أمريكا ثلاثين عاماً مع إيران-ديفيد كريست. 8 - قائمة نزاعات الشرق الأوسط الحديثة. 9 - إيران الخفية: التناقض الذاتي والقوة في الجمهورية الإسلامية".

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة